من أحرم من ميقات أهل المدينة للحج وذهب إلى مكة واعتمر يوم الثالث من ذي الحجة، وبعد انتهائه من العمرة ذهب إلى جدة حيث هناك أهله، وعاد يوم الثامن من ذي الحجة ونزل إلى مكة، هل يجوز سفره هذا من مكة إلى جدة بعد انتهائه من العمرة؟
إذا أحرم الإنسان متمتعاً بالعمرة إلى الحج وانتهى منها فله أن يسافر إلى بلده أو غيره؛ لكنه إذا سافر إلى بلده ثم عاد من بلده محرماً بالحج انقطع تمتعه وصار مفرِداً؛ لأن سفره الأول انقطع برجوعه إلى بلده، فإذا أنشأ سفراً للحج أنشأ سفراً جديداً وصار مفرِداً، أما إذا كان سفره إلى بلدٍ آخر غير بلده ثم رجع من هذا البلد محرماً بالحج فإنه لا يزال متمتعاً، هذا هو القول الصحيح في هذه المسألة.
ومن العلماء من قال: إذا سافر بين العمرة والحج مسيرة قصر انقطع التمتع، سواء سافر إلى بلده أو إلى غير بلده.
ومن العلماء من قال: إذا سافر لم ينقطع تمتعه سواء سافر إلى بلده أو إلى غير بلده.
ولكن القول الوسط هو الذي نختاره، وهو التفريق بين رجوعه إلى بلده وبين رجوعه إلى بلدٍ آخر، وهو الذي رُوِي عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وهو الذي يقتضيه المعنى؛ لأن حقيقة الأمر أنه إذا رجع إلى بلده ثم عاد منه محرماً بالحج، حقيقة الأمر أنه لم يحصل له التمتع بين العمرة والحج في سفرٍ واحد، بل هما سفران مستقلان، أي: مستقل كل واحدٍ منهما عن الآخر.
السائل: ومن أين يحرم للحج؟ الشيخ: في مثالك الذي ذكرته: إذا رجع إلى جدة فلا بد إذا عاد إلى مكة أن يحرم بالحج من جدة.
السائل: من ميقات المدينة إلى مكة؟ الشيخ: من ميقات المدينة إلى مكة هذه للعمرة، فلما خرج إلى أهله في جدة، وجاء موسم الحج فإنه يحرم بالحج من جدة ويحج مفرِداً.