نتعرض في هذه المسألة لمسائل منها مثلاً: لو أن الإنسان أكل حين سمع صوت مؤذن، والمؤذن عادة يؤذن إذا غابت الشمس، ثم تبين أن المؤذن أخطأ وأن الشمس لم تغرب فهل يلزمه القضاء؟
لا يلزم، ليس عليه قضاء، لكن إذا رأى الشمس يجب أن يمسك، حتى الذي في فمه يجب أن يلفظها لكن ما كان قبل أن يعلم فإنه لا شيء عليه، الدليل قول الله تعالى:{رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا}[البقرة:٢٨٦] ، وهذا خطأ لكن بغير قصد، فقال الله تعالى في الآيات الكريمة: قد فعلت، ثم إن الصحابة رضي الله عنهم في عهد نبيهم عليه الصلاة والسلام أفطروا في يوم غيم، ظناً منهم أن الشمس قد غربت ثم طلعت الشمس ولم يقل لهم الرسول عليه الصلاة والسلام اقضوا يوماً مكانه، ولو كان القضاء واجباً لأمرهم به، ولو أمرهم به لنقل إلينا؛ لأنه إذا أمر به كان من الشريعة، والشريعة لا يمكن أن يترك منها شيء، لابد أن تنقل.
رجل آخر نسي أنه صائم فأكل أو شرب ماذا نقول له؟! أعليه قضاء؟! ليس عليه قضاء، لكن إذا ذكر توقف وجوباً، الدليل على أنه لا قضاء عليه هو:{رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا}[البقرة:٢٨٦] وهذه يا إخواني آية من كتاب الله لم يقلها فلان الفلاني، ثم آية أقرها الله عز وجل هي دعاء من المؤمنين لكن أقرها الله وأعطاهم دعاءهم، قال: قد فعلت، وفيه حديث في نفس المسألة، قال النبي صلى الله عليه وسلم:(من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه) فلم ينسبها إليه بل نسبها إلى الله؛ لأنه بغير قصد.
إذاً كل من أكل أو شرب وهو صائم ناسياً أو جاهلاً ليس عليه شيء للآية، ولقوله صلى الله عليه وسلم:(من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه) هذا النسيان، الجهل: تقول أسماء بنت أبي بكر والحديث في صحيح البخاري: (أفطرنا في يوم غيم على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ثم طلعت الشمس) وهذا نص صريح.
فإذاً نأخذ قاعدة: من فعل شيئاً من المفطرات ناسياً أو جاهلاً فصيامه صحيح أياً كان، حتى لو أن الرجل -مثلاً- كان معه أهله وظن أن الفجر لم يطلع فجامع أهله ثم تبين أنه قد طلع فليس عليه شيء لا قضاء، ولا كفارة، ولا إثم، هذا ما يتعلق بالصوم.