فضيلة الشيخ! بالنسبة لمسألة تغيير شعر اللحية بالسواد، إذا وجد داعية على قدم راسخ في العلم يغير شعره بالسواد، فهل يكون الخلاف معه خلافاً ينبني عليه الولاء والبراء؟ بمعنى أن يشنع عليه ويهجر علمه بسبب ذلك، أم أن هذا من جنس المسائل الخلافية التي يلتمس له العذر فيها؟
الواجب على الإنسان أن يجعل ولاءه وبراءه مبنياً على دليل من الشرع لا على هواه، فإذا قُدّر أن أحداً من الناس خالفه بمقتضى الدليل عنده فإنه لا يجوز له أن يتبرأ منه أو أن يعاديه، أرأيت لو أن إنساناً صلى بعد أن أكل لحم إبل ولم يتوضأ، هذه عند من يرى الوضوء من لحم الإبل كبيرة من كبائر الذنوب أن يصلي بلا وضوء، فهل إذا رأينا شخصاً يقول: لم يتبين لي وجوب الوضوء من لحم الإبل، فأنا أصلي ولا أتوضأ منه، هل نقول: يجب أن نعاديه؟ الجواب: لا.
بل لا يجوز أن نعاديه، ولا أن نحمل عليه حقداً، كذلك -أيضاً- لو رأينا شخصاً يرى أن صبغ اللحية بالسواد لا بأس به فإننا لا نعاديه، لكننا نناقشه حتى يصل كل منا إلى الحق، فإن لم يتبين له الحق وعلمنا أن الرجل صادق في طلب الحق لكنه لم يتبين له فإننا لا نعاديه أيضاً، أما لو علمنا أن الرجل مصر على رأيه وقال: نعم.
هذا الحديث يدل على تحريم السواد لكن أنا اعتدت هذا، ولا أريد أن أتحول عنه، فهذا يكون قد عصى الله على بصيرة، ولا مانع أن نهجره إذا كان في هجره مصلحة.