للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حكم مخالفة منهج السلف في معاملة الحكام]

فضيلة الشيخ: ذكرتم في كلامكم عن السلفية، فالسؤال هو أن هناك رجلاً يظهر عليه اتباع السلف وعقيدته سليمة، وعنده من الحسنات الكثير، لكنه خالف السلف في منهج معاملة الحاكم، فهل يخرج من السلفية ويبدع؟

لا شك أن منهج السلف هو الصبر على أذى الحكام، والدعاء لهم، وإقامة الجُمع والأعياد معهم، كما قال شيخ الإسلام رحمه الله في العقيدة الواسطية: من طريقة أهل السنة والجماعة إقامة الجُمع والأعياد والحج والجهاد مع الأمراء أبراراً كانوا أو فجاراً.

وكما كان الإمام أحمد وغيره من الأئمة يعاملون الأمراء بما يقتضيه الحال من الدعاء لهم وسؤال الهداية لهم، وعدم إفشاء معايبهم أمام الناس، فالسكوت على الخطأ غلط، ونشر الخطأ غلط، والصواب بين هذا وهذا، كما هو في جميع الأشياء، هو الوسط، والوسط خير: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً} [الفرقان:٦٧] .

أما مسألة كونه يخرج عن السلفية أو لا يخرج فهذا شيء آخر، إنما الكلام على أن مذهب السلف هو الصبر على الأمراء والدعاء لهم، وعدم إثارة الناس عليهم، وتسكين الأمور، بل قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (اسمع وأطع، وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك) ففي هذه المسألة التي وقع السؤال عنها خرج هذا الرجل عن مذهب السلف في معاملة الحكام، لكن قد يكون على مذهب السلف من وجه آخر.

وهذه المسألة من أخطر ما يكون على العامة وعلى ولاة الأمور وعلى الجميع؛ لأن الناس إذا شحنت قلوبهم ببغض ولاة الأمر فسدوا وصاروا يتمردون على أمره ويخالفونه، ويرون الحسنة منه سيئة، وينشرون السيئات ويخفون الحسنات، وإذا زيد على ذلك التقليل من شأن العلماء فسد الدين أيضاً، فتمرد الناس على الأمراء اختلال للأمن، وتمرد الناس على العلماء فساد للشريعة؛ لأن الناس إذا لم يثقوا بعلمائهم بشريعة الله فبمن إذاً يثقون بالجهال؟! أو كل واحد من الناس يركب رأسه ويفتي نفسه بنفسه وهذا لا يستقيم.