للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تفسير قوله تعالى: (وإن لنا للآخرة والأولى)]

قال تعالى: {وَإِنَّ لَنَا لَلآخِرَةَ وَالأُولَى} [الليل:١٣] أي: لنا الآخرة والأولى، الأولى متقدمة على الآخرة في الزمن، لكنه في هذه الآية أخرها، فلماذا؟ نقول لفائدتين: الفائدة الأولى: معنوية، والفائدة الثانية لفظية.

أما الفائدة المعنوية: فلأن الآخرة أهم من الدنيا، ولأن الآخرة يظهر فيها ملك الله تعالى تماماً، في الدنيا هناك رؤساء وملوك وأمراء يملكون ما أعطاهم الله عز وجل من الملك، لكن في الآخرة لا ملك لأحد: {لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ} [غافر:١٦] فلهذا قدم ذكر الآخرة من أجل هذه الفائدة المعنوية.

أما الفائدة اللفظية: فيه مراعاة الفواصل أي: أواخر الآيات كلها ألف: {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى * وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى} [الليل:١-٢] فلو قال: إن لنا للأولى والآخرة اختلفت رءوس الآيات، فمن ثم قال: {وَإِنَّ لَنَا لَلآخِرَةَ وَالأُولَى} [الليل:١٣] .

هنا يتبين أن الله سبحانه وتعالى قال: {إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى * وَإِنَّ لَنَا لَلآخِرَةَ وَالأُولَى} [الليل:١٢-١٣] فما الفرق؟ الفرق أن الهدى التزم الله تعالى ببيانه وإيضاحه للخلق، أما الملك فهو لله، ملك الآخرة والأولى، ولهذا قال: {وَإِنَّ لَنَا لَلآخِرَةَ وَالأُولَى} [الليل:١٣] .