كنت أناقش أحد الإخوة وهو وافد من إحدى الدول العربية، وكنت أحدثه عن التوحيد وعقيدة الشرك، وخلاصة الكلام أنه قال: يا أخي! في بلادنا آبائي وأجدادي ما زالوا على الشرك الأكبر في المزارات والخرافات، وما هو معلوم لديكم مثل: زيارة القباب، والطواف حولها، والنذور، وتقديم القرابين إلى تلك الأماكن، والاستغاثة، والاستعانة إلى آخره، والتوكل على المشايخ ممن يسمونهم بـ الصوفية، فكنت أناقشه في هذا فقال: ما سمعنا بهذا إلا عندما وصلنا هنا، وهو صادق في هذا، فما السبيل؛ لأنه يسألني يقول: والآن أبي وجدي على تلك العقيدة؟ قلت: ابدأ أنت معهم بعد أن تخرج نفسك وأسرتك من هذا الشرك وتجعل لهم وقاية، فأرجو أن توجه كلمة مثلاً لطلبة العلم والمدرسين أن يحتكوا بهؤلاء المدرسين، ويجتهدوا معهم في هذا الباب؟
أقول: إن من نعمة الله سبحانه وتعالى على هذه البلاد أن الله سبحانه وتعالى أبقى فيها عقيدة التوحيد، في الربوبية والألوهية والأسماء والصفات، ولم يعرفوا تلك البدع المكفرة، وما دون المكفرة إلا حين اختلطوا بالناس ذهاباً إليهم، أو اختلط الناس بهم إياباً إليهم، ولهذا كان من الواجب علينا نحن هنا أن نبين للناس عقيدة التوحيد، وأن نحثهم عليها، وأن نقول لهم: إن من مات مشركاً؛ فإن الله سبحانه وتعالى يحرم عليه الجنة {إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ}[المائدة:٧٢] ، ونبين أن من دعا غير الله أو استغاث بغير الله من الأموات؛ فإنه كافر كفراً أكبر مشرك شركاً أكبر، إن مات على هذه العقيدة فهو مخلد في النار، ولو كان يصلي ويصوم.
والواجب على طلبة العلم الذين منَّ الله عليهم بمعرفة الحق في هذه الأمور، أن يبينوا الحق لإخوانهم في البلاد الأخرى؛ لأن الله سائلهم عن ذلك، قال الله تعالى:{وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ}[آل عمران:١٨٧] ، فالواجب أن يبينوا للناس وأن ينقذوهم من الشرك ولا يضرهم إذا عيروا في أول الدعوة، أو سبوا، أو قيل: أنتم كذا وكذا، فها هو النبي صلى الله عليه وسلم عير وقيل له: أنت ساحر، ومجنون وكاذب، وأخرج من بلده، وأوذي في سبيل الله، وألقي سلى الناقة عليه وهو ساجد تحت الكعبة، وأدميت عقبه ومع ذلك كان صابراً محتسباً يؤدي ما أوجب الله عليه من الأمانة وتبليغ الرسالة، فنقول لإخواننا: بلغوا إخوانكم، بلغوا هؤلاء حتى لا يموتوا على الكفر والشرك، وإن أوذيتم وإن أخرجتم من دياركم، وإن عيرتم، وإن كتب السب لكم على الجدر، وفي الملصقات، وفي غيرها فاحتسبوا الأجر فأنتم مجاهدون.