[كلام حول قاعدة: لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة]
شيخنا حفظك الله ذكر الإمام النووي رحمة الله عليه في شرحه لـ صحيح مسلم تحت قول النبي صلى الله عليه وسلم لما أتاه الرجل الأعرابي فقال:(يا رسول الله! متى أوقات الصلاة؟ فقال: صل معنا، فصلى معهم يومين وكان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في أول وقت الصلاة، وفي اليوم الثاني كان يصلي في آخر الصلاة) فيقول الإمام النووي رحمة الله عليه: إن جمهور الأصوليين قد اتفقوا على أن تأخير البيان عن وقت الحاجة جائز من هذا الحديث.
فما دليل الشيخ والقاعدة التي نعرفها منك حفظك الله أن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز بارك الله فيك؟ الشيخ: هو الأصل تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز بمعنى: أنه لابد أن الرسول يبلغ لأنه مأمور بالبلاغ، فإذا احتاج الناس إلى معرفة الحكم ولم يبينه الرسول كان هذا ممتنعاً، ضرورة أنه لابد أن يبلغ، والبلاغ الذي يتحتم هو أن تدعو الحاجة إليه، أما الحديث فليس فيه تأخير بيان عن وقت الحاجة، إذ من الجائز أن يقول الرسول عليه الصلاة والسلام: وقت الظهر من كذا إلى كذا، ووقت العصر من كذا إلى كذا، إلى آخر الأوقات في خلال دقيقة واحدة، لكن الرسول عليه الصلاة والسلام أحياناً يفضل التعليم بالفعل؛ لأن التعليم بالفعل يرسخ في الذهن، ولا ينساه الإنسان في الغالب، فلهذا أراد أن يبقي هذا الإعرابي لفائدتين: أولاً: أن يعرف الأوقات بالفعل.
والثانية: أن يستفيد من كيفية صلاة الرسول عليه الصلاة والسلام.
السائل: ما دليل القول الثاني: إن تأخير البيان عن وقت الحاجة جائز؟ الشيخ: أصلاً هذا قول باطل، إذ ليس فيه تأخير بيان عن وقت الحاجة، أنا قلت لك: هذا فيه أن الإنسان يسلك في البيان ما هو أقرب إلى التبيين والرسوخ.
السائل: يا شيخ! هو يذكر أن جمهور الأصوليين على هذا، كيف أخذه جمهور الأصوليين.
الشيخ: من قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ}[المائدة:٦٧] وإذا احتاج الناس إلى معرفة الحكم صار البلاغ واجباً.