تفسير قوله تعالى:(لا يسمعون فيها لغواً ولا تأثيماً)
قال تعالى:{لا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً وَلا تَأْثِيماً * إِلَّا قِيلاً سَلاماً سَلاماً}[الواقعة:٢٥-٢٦](لا يسمعون) أي: أهل الجنة، لا يسمعون (فيها لغواً) أي: كلاماً لا فائدة منه، (ولا تأثيماً) أي: كلاماً يأثم به الإنسان، فالكلام القبيح لا يوجد، والكلام الذي لا خير فيه لا يوجد {إِلَّا قِيلاً سَلاماً سَلاماً}[الواقعة:٢٦] قوله: {إِلَّا قِيلاً} هذا يسميه النحويون استثناءً منقطعاً، والاستثناء المنقطع: هو الذي يكون فيه المستثنى من غير جنس المستثنى منه، فقوله:{إِلَّا قِيلاً سَلاماً سَلاماً}[الواقعة:٢٦] هل هي من اللغو؟ لا، هل هي من التأثيم؟ لا، إذاً الاستثناء هنا منقطع، وعلامة الاستثناء المنقطع أن تجعل بدل (إلا)(لكن) فيستقيم الكلام، فهنا لو قيل في غير القرآن: لا يسمعون فيها لغواً ولا تأثيماً، لكن قيلاً، لاستقام الكلام، إذاً (إلا) هنا للاستثناء المنقطع، لأن المستثنى ليس من جنس المستثنى منه، ومثل ذلك قوله تبارك تعالى:{فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ * لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ * إِلَّا مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ * فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعَذَابَ الْأَكْبَرَ}[الغاشية:٢١-٢٤] قوله: (إلا) هنا الاستثناء منقطع، لأن ما بعد (إلا) ليس من جنس ما قبلها، لأن الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم ليس بمسيطر، لا على الكافرين ولا غيرهم، فتكون (إلا) هنا بمعنى (لكن) ولهذا جاءت الفاء، (فيعذبه) وعليه لو أن أحداً وقف وقال: {لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ}[الغاشية:٢٢] فالوقف صحيح، لأن (إلا) هنا منقطعة ليست متصلة بما قبلها، {إِلَّا قِيلاً سَلاماً سَلاماً}[الواقعة:٢٦] أي: إلا قولاً فيه السلام وإدخال السرور والفرح بين أهل الجنة جعلنا الله وإياكم منهم.