أحد المشايخ يقول: عجبت من أناس يقولون أذكار الصباح والمساء وهم يأكلون الثوم والبصل؟
أين وجه العجب؟ السائل: يعني: تذهب عنهم الملائكة وتتأذى منهم.
الشيخ: هذا غلط؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقل: إن الملائكة تتأذى من آكل البصل، أو إنها تفر منه، لكنه نهى من أكل بصلاً أو ثوماً أن يدخل المسجد وقال:(إن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم) والمراد: الملائكة الذين في المساجد الذين يعمرونها، ولو كان الرسول قال: كل من أكل ثوماً أو بصلاً فرت منه الملائكة وتأذت منه، لكان هذا يقتضي أن يكون حراماً كما قلنا: إن اقتناء الصور حرام؛ لأن الإنسان إذا اقتنى الصور فإن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه صورة، ولهذا لما فتح الناس خيبر ووقعوا في أكل البصل، وكأن النبي صلى الله عليه وسلم كرهها فقالوا: إنها حرمت، فقال عليه الصلاة والسلام:(إنه ليس لي تحريم ما أحل الله) فأباحها لهم.
ولهذا نقول: إن أكل البصل والثوم والكراث وما أشبهها من النوابت التي لها رائحة ليس حراماً، لكن من أكلها فلا يقرب المسجد؛ لأن الملائكة تتأذى منه، نعم.
لو فرض أن إنساناً أكلها ليجعلها وسيلة لترك الجماعة الواجبة عليه صارت حينئذ حراماً؛ لأنه تحيل على إسقاط الواجب، وهذا كما قال أهل العلم رحمهم الله: إن الإنسان لو سافر في رمضان من أجل أن يفطر صار السفر حراماً والفطر حراماً، يلزمه أن يصوم حتى في السفر؛ لأنه سافر تحيلاً على إسقاط الواجب، والتحيل على إسقاط الواجبات لا يسقطه، كما أن التحيل على تحليل المحرمات لا يجعلها حلالاً.