للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حكم المسائل التي يرد فيها اختلاف بين أهل العلم بسبب الاختلاف في الحكم على الحديث]

فضيلة الشيخ: ما حكم العبادة التي يرد فيها نصٌ مختلفٌ بين أهل العلم في تصحيحه، مثل: صلاة التسابيح، فالذين يرون ضعف الحديث الوارد فيها هل يحكمون على من يصحح الحديث ويعمل به بأنه عملٌ مبتدع أم يسكتون فلا ينكرون؛ لأن النص الوارد فيها مختلفٌ في تضعيفه؟

أولاً بارك الله فيك: يجب أن تعلم قاعدة: الأصل في العبادات الحضر والمنع، فإذا جاء حديث اختلف في تصحيحه؛ وجب المنع بعكس ما دل عليه هذا الحديث؛ لأن الأصل الحضر حتى يقوم دليل على ثبوت هذا الشيء، لا سيما مثل صلاة التسابيح؛ صلاة التسابيح أولاً: هي شاذة في هيئتها وكيفيتها.

ثانياً: هي شاذة في توقيتها؛ لأنك لا تصلي كل يوم أو كل أسبوع أو كل شهر أو كل سنة أو في العمر مرة، أين العبادة التي على هذا الوجه؟!! ثالثاً: من الناحية العملية، لو أن صلاة التسبيح شرعية وثابتة كيف تخفى على الأمة حتى لا يظهر العمل بها إلا في عهد التابعين؟!! لأن أشهر من رويت عنه عبد الله بن المبارك، ثم بعد عبد الله بن المبارك هل انتشرت في الأمة الإسلامية؟ لم تنتشر، هذه أيضاً من القرائن التي يعرف بها ضعف الحديث، أن الأمة لم تعمل به.

ومن ذلك حديث أم سلمة في الرجل الحاج إذا لم يطف طواف الإفاضة قبل غروب الشمس يوم النحر عاد محرماً، هذا الحديث ما عمل به أحد، اللهم إلا واحد من التابعين هو عروة بن الزبير وأناس قلة، ومثل هذا مما تتوافر الدواعي على نقله؛ لأن كثيراً من الحجاج لا يتسنى له أن يطوف طواف الإفاضة إلا بعد النزول من منى، هذا من وسائل العلم بضعف الحديث: أن الأمة تخلت عن العمل به، فصلاة التسبيح من هذا الباب، ولهذا قال شيخ الإسلام رحمه الله: إن حديثها باطل، وإنه لم يستحبها أحد من الأئمة، الأئمة الفحول في الأمة الإسلامية ما استحبوها.

أما هل يوصف هذا بالمبتدع؟ فهذا ينظر إذا كان الرجل ممن له اجتهاد فلا يمكن أن نصفه بالبدعة وهو له اجتهاد، وهذه مسألة عملية، وأما إذا كان ليس له قدرة على الاجتهاد فيقال: إنها بدعة، هي أصلها بدعة لكن هل نقول لمن عمل بها: إنه مبتدع أو هي بدعة؟ ما دامت لم تثبت فهي بدعة، فبالنسبة له هو لا أسميه مبتدعاً، لكن نفس هذه الصلاة بدعة.