إذا كان أحد الإخوان يطلب العلم عند المشايخ، وكان جماعته وأهل قريته يقعون في المنكرات، وأغلبهم ممكن يقع في الشركيات، وحين تقول له: اذهب إلى قريتك بلغ دين الله سبحانه وتعالى وكذا بالذي عندك، يقول: لا زلت أطلب علماً، فهل تكون الحجة عليه -يا شيخ- بالنسبة لقريته؟ لجواب: نقول له: اطلب العلم أولاً، ثم ائت إلى قريتك ثانياً، لأنه كيف يدعو قومه وهو لا يعرف؟ وما ضر الناس إلا هؤلاء الذين يتكلمون بما لا يعلمون، وتأمل الفتاوى التي على الساحة تجد العجب العجاب من إفتاء أنصاف العلم، الفتاوى التي ليس لها زمام، ويا ويل هؤلاء الذين يتعجلون في الفتوى، إنهم سيسألون يوم القيامة، حيث قالوا على الله ما لا يعلمون، قال الله تبارك وتعالى:{قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْأِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ}[الأعراف:٣٣] ويا سبحان الله! لو أن طبيباً صار يتطبب في الناس وهو لا يعلم، وهلك كثير من الناس على يده ماذا يقول الناس عن هذا الطبيب، أساء أم أحسن؟ أساء أي إساءة، هذا في طب الأبدان فكيف في طب القلوب وهو الشريعة؟!! ثم عجباً لهؤلاء الذين يتسرعون السيادة أن يشار إليهم بالأصابع، ويقال: فلان عالم!! يا أخي: لا تتسرع! اصبر! إن كان الله قد قدر لك السيادة حصلت لك، وإلا لم تحصل لك، ولا يزيدك هذا التسرع إلا هواناً عند الله وعند عباد الله، كل شيء مكتوب للإنسان سوف يعطاه في حياته، قال النبي صلى الله عليه وسلم:(إنه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها وأجلها) لو لم يبق له من الرزق إلا حبة أرز لأكلها، ولو لم يبقَ عليه إلا لحظة من الأجل أدركها، فأنا أحذر هؤلاء الذين يتسرعون في الفتوى وأقول: اصبروا، انهلوا من العلم ثم أفتوا، وأحذر الناس أيضاً من الالتفات إلى فتاويهم.
فهذا الرجل نقول: اقرأ العلم أولاً ثم اذهب إلى قريتك، وإذا أمكن أن تجمع بين هذا وهذا بأن تأتي إلى قريتك يوماً من الأسبوع وتبين لهم الحق فهذا طيب.