للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[مدى صحة قول القائل عن النبي صلى الله عليه وسلم: أشرف خلق الله]

هناك أحد الأساتذة في الجامعة يقول: إن قولنا عن النبي صلى الله عليه وسلم: (أشرف خلق الله) لا يصح، وإن هذا من عبارات التصوف، واستدل بقوله تعالى: {وَيَخْلُقُ مَا لا تَعْلَمُونَ} [النحل:٨] يقول: إننا لا نحصي خلق الله تعالى حتى ندعي أن نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم هو من أشرفها؟

المشهور عند كثير من العلماء إطلاق هذه العبارات أن محمداً صلى الله عليه وسلم أفضل الخلق كما قال الناظم:

وأفضل الخلق على الإطلاق نبينا فمل عن الشقاق

لكن الأحوط والأسلم أن نقول: محمد صلى الله عليه وسلم سيد ولد آدم، وأفضل البشر، وأفضل الأنبياء، أو ما أشبه ذلك اتباعاً لما جاء به النص، ولم أعلم إلى ساعتي هذه أنه جاء أن النبي صلى الله عليه وسلم أفضل الخلق مطلقاً في كل شيء.

وأما الاستدلال بالآية: {وَيَخْلُقُ مَا لا تَعْلَمُونَ} [النحل:٨] ففي غير محلة؛ لأن هذه الآية في المركوبات قال الله تعالى: {وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لا تَعْلَمُونَ} [النحل:٨] أي: مما تركبون، وهو -أيضاً- يخلق ما لا نعلم من غير ما نركب، لكن الاستدلال بهذه الآية على أن الله يخلق خلقاً خيراً من محمد صلى الله عليه وسلم فيه نظر، إنما الأسلم أن الإنسان في هذه الأمور يتحرى ما جاء به النص.

مثلاً لو قال قائل: هل فضل الله بني آدم عموماً على جميع المخلوقات؟ قلنا: لا؛ لأن الله تعالى قال: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً} [الإسراء:٧٠] لم يقل: على كل من خلقنا، فمثل هذه الإطلاقات ينبغي على الإنسان أن يتقيد فيها بما جاء به النص فقط ولا يتعدى.

والحمد لله، نحن نعلم أن محمداً صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين، وأشرف الرسل وأفضلهم وأكرمهم عند الله عز وجل، وأدلة ذلك من القرآن والسنة الصحيحة معروفة مشهورة، وأما ما لم يرد به دليل صحيح فإن الاحتياط أن نتورع عنه، أما كون هذه من عبارات الصوفية أو غير الصوفية فلا أدري، لكنه مشهور عند كثير من العلماء، تجدهم يقولون: إن محمداً أشرف الخلق.