غيبة الفاسق محرمة؛ لأن الفاسق من المؤمنين، ولا يحل للإنسان أن ينتهك عرض أخيه المسلم، والدليل على أن الفاسق من المؤمنين قول الله تبارك وتعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ}[البقرة:١٧٨] المراد بأخيه المقتول: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ}[البقرة:١٧٨] فجعل المقتول أخاً للقاتل، ومعلوم أن القاتل قد فعل كبيرة من كبائر الذنوب العظيمة التي قال الله عنها:{وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً}[النساء:٩٣] وقال تعالى في الطائفتين المقتتلتين: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا}[الحجرات:٩] إلى قوله: {فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ}[الحجرات:٩] إلى أن قال: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}[الحجرات:١٠] .
ومعلوم أن اقتتال المؤمنين بعضهم مع بعض كفر، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(سباب المسلم فسوق وقتاله كفر) ، وإذا تبين أن الفاسق لم يخرج من الإيمان -وإن كان ناقص الإيمان- فإنه لا يجوز اغتيابه إلا إذا كان في ذلك مصلحة، فلا بأس من أن يقال مثلاً: فلان يفعل كذا وكذا تحذيراً مما صنع، وإن لم يكن في ذلك مصلحة فالأصل أن عرضه محتاط؛ لأنه من المؤمنين وقد قال الله تعالى:{وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ}[الحجرات:١٢] .