فضيلة الشيخ! هناك سؤال أثير في مكتب الدعوة وهو أن أحد الهنود أثار شبهة، يقول: هل الموتى يسمعون؟ وإذا كانوا يسمعون هل يكون سماعهم في مكان مخصوص وفي مواضع مخصوصة مثلاً، أم سماع عام؟
إن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن الميت إذا دفن وأتاه الملكان، قال:(إنه ليسمع قرع نعالكم) أي: المنصرفون عنه، وهذا سماع حال الدفن.
ووقف صلى الله عليه وعلى آله وسلم على قتلى قريش في قليب بدر، وجعل يناديهم بأسمائهم وأسماء آبائهم، ولما راجعه الصحابة في ذلك قال:(ما أنتم بأسمع لما أقول منهم) ، وروي عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال:(ما من رجل يمر بقبر رجل يعرفه في الدنيا ثم يسلم عليه إلا رد الله عليه روحه فرد عليه السلام) ، وهذا الحديث اختلف العلماء في تصحيحه وتضعيفه، منهم من ضعفه، وإذا كان ضعيفاً فلا دليل فيه، ومنهم من قال إنه حسن، ومنهم من صححه، فنقول: ما جاءت به السنة نعتقده، وما لم تجئ به السنة نقول: الله أعلم.
لكن على فرض أنهم يسمعون فإنهم لا ينفعون غيرهم، بمعنى أنهم لا يدعون الله له، ولا يستغفرون الله له، ولا يمكنهم الشفاعة لهم.
وإنما قلت ذلك لئلا يتعلق هؤلاء القبوريون بما قلت، ويقولون: ما دام أنهم يسمعون -إذاً- هذا من أولياء الله نسأله أن يسأل الله لنا أو أن يشفع لنا عند الله، فهذا غير وارد أصلاً؛ لأن الإنسان إذا مات انقطع عمله، حتى النبي عليه الصلاة والسلام عندما مات انقطع عمله، لكن الرسول عليه الصلاة والسلام خلف لأمته علماً عظيماً الذي يعمل به كل أحد من الأمة المجيبة للدعوة، وقد قال عليه الصلاة والسلام:(
إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له) ، ولا أحد ورث للخلق علماً ينتفعون به أكثر مما ورثه النبي صلى الله عليه وسلم لأمته.