للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حكم إطلاق بعض الأبيات الشعرية الموهمة]

في الأسبوع قبل الماضي كان لكم فتوى عن هذين البيتين: وقد قمت باستئذان صاحب السؤال، وكان لكم توقف فيهما:

أما لنا بعد هذا الذل معتصم يجيب صرخة مظلوم وينتصر

أما لنا بعد صلاح الدين يعصمنا وقد تكالب على استعبادنا الغجر

إي نعم.

هذان البيتان:

أما لنا بعد هذا الذل معتصم يجيب صرخة مظلوم وينتصر

إذا كان يريد الاعتصام بشخص وهو المعتصم فهذا شرك أكبر؛ لأنه دعا ميتاً ودعاء الأموات شرك، قال الله تبارك وتعالى: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ * وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ} [الأحقاف:٥-٦] فجعل الله دعاءهم عبادة، وقال تعالى: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} [المؤمنون:١١٧] فجعل الله ذلك كفراً، أما إذا كان لا يريد المعتصم نفسه إنما أراد أن يهيئ الله لنا قائداً عظيماً بطلاً كـ المعتصم فإن هذا لا بأس به، ولكن ينهى عن إطلاق هذا اللفظ على هذا الوجه؛ لأنه يوهم أننا ندعو المعتصم نفسه، وما أوهم الباطل فإنه ينبغي التحرز منه.

أما قوله في البيت الثاني:

أما لنا بعد صلاح الدين يعصمنا وقد تكالب على استعبادنا الغجر

هذا أيضاً يقال فيه كالأول، إذا كان يريد صلاح الدين نفسه فهذا أيضاً كفر؛ لأن صلاح الدين لا يعصم، صلاح الدين ميت لا يعصم أحداً، وإن أراد بذلك، ولا أظن أنه يصح أن يريد بذلك أن يأتي لنا برجل كـ صلاح الدين؛ لأنه قال:

أما لنا بعد صلاح الدين يعصمنا

والبيت فيه شيء من الركاكة.

وعلى كل حال هذا البيت بالنسبة للبيت الذي قبله أهون؛ لأنه كأنه يقول: ليس لنا أحد بعد صلاح الدين يعصمنا، فنقول له: إن هذا الإطلاق فيه نظر؛ لأن الذي يعصمك من الشر قبل صلاح الدين هو الله تعالى، ثم إن صلاح الدين ليس أعظم قائدٍ في الأمة الإسلامية، فأعظم قائد في الأمة الإسلامية هو رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم من تلاه من الخلفاء والقواد المسلمين كـ خالد بن الوليد وغيره.

وعلى كل حال مثل هذه الأبيات يجب على الإنسان أن يتحرز منها وألا يذكرها إلا مقرونةً ببيان أنها ليست بشيء، وأن إطلاقها لا يجوز.