جماعة كانوا خارجين إلى مدائن صالح للاتعاظ والاعتبار، وقد جمعوا صلاتي الظهر والعصر جمع تأخير، وصلوهما قصراً في مدائن صالح، فما حكم صلاتهم؟ الشيخ: هم مسافرون أم من أهل البلد؟ السائل: هم من خارج البلد، من مكان بعيدٍ قليلاً عن البلد.
يجوز للإنسان المسافر أن يقصُر ويجمع حتى يرجع إلى بلده، سواء خرج لنزهة، أو خرج لعبادة؛ كالمعتمر والحاج، أو خرج لعلم، أو خرج لتجارة، المهم أنه ما دام مسافراً؛ فقد قال الله عز وجل:{وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ}[النساء:١٠١] ولم يخص الله ضرباً دون ضرب؛ بل أطلق وعمَّم.
وأنت ذكرتَ في سؤالك أن هؤلاء ذهبوا إلى مدائن صالح للاتعاظ والاعتبار، والاتعاظ والاعتبار نوعان: النوع الأول: الاتعاظ والاعتبار بما كان لهؤلاء القوم من القوة والقدرة، حيث كانوا ينحتون من الجبال بيوتاً؛ فهذا لا يجوز لأن هذا يؤدي إلى تعظيمهم، ويُقَسِّي القلب.
والنوع الثاني: الاتعاظ والاعتبار بأخْذِ الله وعقوبته لهم، وأنهم على هذه العظمة لم يضروا الله شيئاً، ولم يعجزوا الله سبحانه وتعالى فهذا لا بأس به.
ومع ذلك فإني أخبرك وأخبر مَن يستمع ويتعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(لا تدخلوا على هؤلاء المعذبين إلا أن تكونوا باكين أن يصيبكم مثلما أصابهم) .
فمن ذهب ودخل وهو يبكي خوفاً من الله عز وجل، فليفعل، وإلا فلا يدخل، بل يبتعد، ولهذا لما مر الرسول عليه الصلاة السلام بديارهم في ذهابه إلى تبوك أو رجوعه منها فقَنَّع رأسه ونَزَّله وأسرع المسير عليه الصلاة والسلام، فكيف بالذي يذهب وينزل بساحتهم؟! حتى ولو كان للاعتبار الديني فإننا لا نشير عليه بذلك، إذا كان يعتبر اعتباراً دينياً فليقرأ القرآن، القرآن إيمانُ المؤمن بما فيه أكبر من إيمانِه بما يشاهده، وإن كانت المشاهدة لا شك تعتبر زيادة في الإيمان؛ لكن على كل حال نقول: من ذهب إلى هؤلاء القوم على الوجه الذي اشترط الرسول: (لا تدخلوا على هؤلاء المعذبين إلا أن تكونوا باكين، أن يصيبكم مثل ما أصابهم) .