للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حكم من أنكر دخول الجن في الإنس]

فضيلة الشيخ! ما حكم من أنكر أن الصرع قد يكون من الجن؟

يقول ابن القيم رحمه الله في زاد المعاد: إن الذين ينكرون صرع الجن جهلة ليس عندهم علم، وإنما علومهم علوم مادية، وأنكر هذا إنكاراً شديداً وقال: إن الصرع نوعان: صرع من الجن، وصرعٌ لاختلال السحر من الأعصاب.

وما قاله هو الحق؛ لأنه قد تواتر أن المصروعين بعضهم يتكلم الجني الذي فيه، ويخاطب القارئ، وذكر قصةً عن شيخه شيخ الإسلام ابن تيمية: أنه أوتي إليه برجل مصروع وجعل يقرأ على المصروع وتخاطبه الجنية في الرجل، جنية قد أحبت الرجل هذا ونزلت في جسمه فيعظها وتقول: أنا أحبك، أنا أحب الرجل، فيقول شيخ الإسلام: هو لا يحبك، وهو صادق، وهو لا يحبها بلا شك، وأبت أن تخرج فجعل يضربها شيخ الإسلام، يضرب الرجل وهو في الحقيقة يقع على الجنية التي فيه، يقول: حتى كلت يده من الضرب والمصروع لا يحس، فقالت أي: الجنية- لشيخ الإسلام ابن تيمية: أنا أخرج كرامةً للشيخ، قال: لا تخرجي كرامةً لي، اخرجي طاعةً لله ورسوله؛ لأن الله ورسوله يحرمان الاعتداء على الناس، فخرجت، ولما صحا الرجل قال: ما الذي جاء بي إلى حضرة الشيخ؟ أتى به أهله إلى الشيخ وقرأ عليه وضرب الجن وهو لم يشعر، قال: ما الذي جاء بي إلى حضرة الشيخ؟ فالمهم أن الصرع نوعان: صرع من الأعصاب، وهذا يعرفه الأطباء ويمكن التصرف فيه ويشفى بإذن الله، وصرع من الجن وهذا يشفى بالقراءة، وكم من إنسان يقرأ ويكون عنده قوة عظيمة حتى إن الجني يصيح ويقول: اتركني اتركني ولكنه إذا داوم عليه بالقراءة خرج، وقد يعود إذا مات القارئ الأول، كما يذكر أن الإمام أحمد رحمه الله كان يقرأ على مصروعٍ فخرج الجني منه، ولما مات الإمام أحمد جاء الجني ودخل فيه مرةً ثانية، وجاء القارئ يقرأ بالآيات التي كان يقرأها الإمام أحمد، وأبى الجني أن يخرج، وقال له -أي: الجني قال للقارئ-: القراءة هي القراءة لكن القارئ غير القارئ، وأبى أن يخرج.

وإني أحثكم بارك الله فيكم حتى تسلموا من شر هؤلاء الجن المعتدين، أحثكم على أن تحرصوا على قراءة الأوراد القرآنية والنبوية، ومنها قراءة آية الكرسي معتقداً أن الله يحفظ بها، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن من قرأها في ليلة لم يزل عليه من الله حافظ ولا يقربه الشيطان حتى يصبح) ولما غفل الناس عن الأوراد الشرعية كثرت فيهم الجن الآن وتلاعبت بهم.