للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تفسير قوله تعالى: (ألكم الذكر وله الأنثى)

ثم قال تعالى منكراً على هؤلاء المشركين: {أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثَى} [النجم:٢١] يعني: أتجعلون لكم الذكور ولله الإناث؟! وذلك في قولهم: إن الملائكة بنات الله، وهم لم يشهدوا خلق الملائكة ولم يطلعوا على ذلك، كما قال الله تعالى: {وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثاً أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ} [الزخرف:١٩]

و

لا، لم يشهدوا خلقهم، لكن مع ذلك ستكتب هذه الشهادة عليهم: {سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلونَ} [الزخرف:١٩] نسأل الله العافية.

كانوا إذا بشر أحدهم بالأنثى ماذا يصنع؟ {ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ * يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ} [النحل:٥٨-٥٩] ومع ذلك يجعلون لرب العالمين الذي خلق الذكر والأنثى يجعلون له البنات ويجعلون لأنفسهم البنين، هل هذه القسمة قسمة عدل أو قسمة جور؟ قسمة جور {تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزَى} [النجم:٢٢] يعني: تلك القسمة وهي أن يجعلوا لله البنات ولهم البنين (قسمة ضيزى) أي: جائرة مائلة عن الحق؛ لأننا لو قلنا: بأنه جائز أن يكون لله ولد، لكان الأولى أن يكون له البنون؛ لأن البنين أعلى من البنات بلا شك، وهو سبحانه وتعالى أعلى من المخلوقين، فيجب أن يكون الأعلى للأعلى والأدنى للأدنى، هذه القسمة العادلة لو كان هناك قسمة.

ثم هناك قسمة أخرى دونها في العدل لكن فيها عدل: أن يجعلوا لله بناتاً ولهم بنات، ولله بنين ولهم بنين، لكن ما فعلوا هذا، جعلوا الأدنى للخالق والأعلى لهم، ولهذا قال عز وجل: {تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزَى} [النجم:٢٢] .