للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الفرق بين الغيبة وبين الكلام على الأموات]

فضيلة الشيخ! كيف تجمع بين نهي النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن الغيبة، ونهيه عن سب الأموات، وبين قوله: (وجبت) ، وقوله: (أنتم شهداء الله في الأرض) ؟

الجمع بينهما: أن ما قاله الصحابة رضي الله عنهم حين أثنوا شراً على إحدى الجنازتين وخيراً على الأخرى هو مجرد الخبر الذي وقع تصديقه من النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم والقصد منه التحذير، والغيبة وهي ذكر الإنسان بما يكره ليست حراماً في كل حال، في بعض الأحيان تكون حراماً، وفي بعض الأحيان تكون مباحة، وفي بعض الأحيان تكون مطلوبة، أليست فاطمة بنت قيس جاءت إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم تستشيره في أبي جهم وأبي سفيان وأسامة بن زيد كلهم خطبوها فقال لها: (أما أبو سفيان فرجل شحيح، وأما أبو جهم فضرّاب للنساء، أنكحي أسامة) ومعلوم أن وصف أبي سفيان في غيبته بأنه رجل شحيح غيبة، وكذلك وصف أبي جهم بأنه ضراب للنساء أو لا يضع العصا عن عاتقه هو أيضاً غيبة، لكن فيها مصلحة، فالغيبة في بعض الأحيان تكون مطلوبة، وبعض الأحيان تكون مباحة، قد يقصد بها مجرد التعريف مثل الأعرج والأعمش وما أشبه ذلك من كلام العلماء المحدثين الذي تسمعهم في الأسانيد كثيراً، هذه مباحة لأنه يقصد بها التعريف، وإذا قصد بها النصيحة صارت واجبة، فهذا الذي ذكره الصحابة رضي الله عنهم يريدون بذلك الإخبار عما حصل للتحذير منه إن كان شراً، والترغيب فيه إن كان خيراً.