[حكم السفر إلى بلاد الكفر والرجوع بعد الوقوع في الحرام]
سماحة الوالد الشيخ محمد بن صالح العثيمين، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أولاً: نشهد الله عز وجل أنا نحبك في الله، وسؤالي: ما رأيكم فيمن يسافر إلى بلاد الكفر لأي غرض كان ووقع في الحرام من الزنا أو اللواط، وكان يحمل بعض الأمراض من فعل الفاحشة ولم يعرف ذلك إلا بعد أن أجري له فحوصات طبية فهل يقام عليه الحد، وإذا كان قد ضر غيره كالزوجة فهل لزوجته حق في الشكوى والمطالبة بحق الضرر الذي أصابها منه؟
أقول: عليك السلام ورحمة الله وبركاته وأحبك الله الذي أحببتنا فيه، وأخبرك بأنه لا حاجة للسلام عند إلقاء السؤال لأن الصحابة كانوا يلقون الأسئلة على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بدون أن يسلموا عليه.
أما ما ذكرت من السفر إلى بلاد الكفر فإني أقول: السفر إلى بلاد الكفر محرم إلا إذا كان هناك حاجة أو ضرورة: فالحاجة مثل التجارة، ذهب يشتري منهم سلعاً يتجر بها، والضرورة كالمرض أو كصناعات لا توجد في بلاد المسلمين أو ما أشبه ذلك، لكن بشرط أن يكون عند الإنسان علم يدفع به الشبهات، وأن يكون عنده دين يمنعه عن المحرمات، أما إذا كان الإنسان يعلم من نفسه أنه ليس عنده علم يدفع به الشبهات وإذا ذهب إلى بلاد الكفر سوف يلبسون عليه دينه ويوقعونه في حيرة، فهذا لا يجوز له أن يذهب مهما كان حتى لو كان في أقصى الضرورة، وكذلك من لم يكن عنده دين يحميه بحيث يعرف من نفسه أنه رجل ضعيف الدين ولو ذهب إلى هناك لاغتر بما هم عليه من زهرة الدنيا فنقول: أيضاً لا يحل لك أن تذهب، لأن حفظ الدين واجب، فإذا اجتمعت الشروط الثلاثة: العلم والدين والحاجة أو الضرورة فلا بأس.
أما ما يحمله من أمراض فالواجب إذا كانت هذه الأمراض تنتشر بالعدوى الواجب على ولي الأمر أن يحبسه في مكان حتى لا تنتشر عدواه، ولهذا قال أهل العلم رحمهم الله: إن الواجب أن يحبس الجذمى -أي: الذين أصابهم الجذام- والجذام مرض معروف معدٍ، فالواجب أن يُجعلوا في مكان واحد ويمنعوا من الاختلاط بالناس، وإذا كان هذا الذي أتى بالمرض المعدي يمنع من الاتصال بالناس فاتصاله بزوجته من باب أولى، بمعنى: أن للزوجة أن تطالب بالفراق ولها الحق في هذا، وأما ما أصابها من المرض، فإن كانت قد علمت بأن زوجها مصاب به فليس لها حق لأنها هي التي خاطرت بنفسها، وإن لم تعلم فهو محل نظر ويرجع فيه إلى المحكمة.