وجد في هذه الأيام بعض المنشورات التي لا تخدم المصلحة، وقد بلغنا عنكم فتوى بحرمة تداول مثل هذه الأشياء، وأنا والله لم أقف على هذه الفتوى أرجو الكلام حول هذا الأمر يا شيخ؟
تكلمنا به من قبل قلنا: هذه المنشورات التي تنشر وفيها سب للحكومة بعضه كذب وبعضه صحيح، تداولها حرام ومن كبائر الذنوب، والذي يتداولها لا شك أنه آثم؛ لأن أدنى ما فيها أنها غيبة، وقد قال الله تعالى:{وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ}[الحجرات:١٢] وقد نص الإمام أحمد رحمه الله على أن الغيبة من كبائر الذنوب، فإن انضاف إلى ذلك أنها كذب صارت بهتاناً، هذا في غيبة عوام الناس -رجل الشارع- فكيف بغيبة ولي الأمر أو العالم! يكون هذا أشد وأعظم؛ لأن ولاة الأمور إذا اغتيبوا هبط قدرهم في أعين الناس، وحصلت الفوضى، وصارت أوامرهم مكروهة عند الناس ولو كان فيها خير، وحرص الناس على أن يتتبعوا عوراتهم، ويدلك على أنه يقصد بهذه المنشورات الشر والله أعلم بالنيات أنه لا يذكر إلى جانب هذه الأخطاء ما كان من الصواب.
الحكومة لها أشياء كثيرة هي صواب وخير ومنفعة للمسلمين، فعلى الأقل إذا كان الإنسان منصفاً، يعني: لو فرضنا أن الإنسان سئل: ما تقول في الحكومة؟ إذا كان منصفاً يجب أن يذكر السيئات والحسنات، هذا إذا سئل وألجئ، أما أن يأتي الإنسان ينشر مساوئ الحكومة وبصفة واسعة فلا شك أن عليه من الإثم ما يستحقه، ولا شك أن الذين يعينونه بنشر هذه المنشورات عليهم من الإثم ما يستحقونه، ولهذا نحن نحذر من تداول هذه المنشورات ومن نشرها، ونرى أن الفاعل أو الذي يفعل ذلك قد تلبس بكبيرة من كبائر الذنوب والعياذ بالله، وكبائر الذنوب لا تكفرها الصلاة ولا الصدقة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما قال:(الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن ما اجتنبت الكبائر) وقال: (ما لم تغش الكبائر) وهذه كبيرة من كبائر الذنوب.
أنت الآن إذا أحد كتب عن مساوئك ونشرها بين الناس ماذا تقول فيها: غيبة أو ليست غيبة؟ غيبة وعدوان عليك، لماذا تكون غيبة وعدواناً على واحد من الناس يمشي في الشارع حتى لو هبط ونقص قدره ما ضر إلا نفسه فقط ولا تكون غيبة ولاة الأمور الذين يجب على الناس طاعتهم في غير المعصية كبيرة؟ هذا أشد، ولهذا مع الأسف الشديد بعض الناس يظنون أن هذا حق، بل بعضهم ربما يظن أنها قربة إلى الله، بيننا وبينهم كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم:{وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً}[الحجرات:١٢] وقد سأل الرسول عليه الصلاة والسلام عن الغيبة؟ قال:(ذكرك أخاك بما يكره) ثم إن السلف رحمهم الله ليس من عادتهم أن يغتابوا الحكام أبداً، فهذه الطريقة مخالفة لطريقة السلف، من كان منهم يريد أن يتكلم على السلطان يتكلم عليه أمامه، حتى لا تكون غيبة، وحتى يستطيع هذا الإمام أن يدافع عن نفسه إن كان محقاً أو يتراجع إن كان مبطلاً، أما من وراء الجدر ثم تلفق أيضاً أشياء غير صحيحة وهي كذب، ما الذي يجوز هذا؟ القرآن والسنة بين أيدينا والحمد لله، والرجوع إليهما واجب، وعلى كل حال فيه كلمات من قبلهن.