تفسير قوله تعالى:(يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ)
قال الله تعالى:{يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ * خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ}[المطففين:٢٥-٢٦] الضمير في قوله: (يسقون) يعني: الأبرار، يسقيهم الله عز وجل بأيدي الخدم الذين وصفهم الله بقوله:{يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ}[الواقعة:١٧] * {بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ * لا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلا يُنْزِفُونَ}[الواقعة:١٨-١٩] .
فقوله:(يسقون من رحيق) أي: من شراب خالص لا شوب فيه ولا ضرر على العقل، لا يسبب ألماً في الرأس، بخلاف شراب الدنيا، فإنه يغتال العقل ويصدع الرأس.
أما هذا فإنه رحيق خالص ليس فيه أي أذى (ختامه) أي: بقيته وآخره، (مسك) أي: طيب الريح، بخلاف خمر الدنيا فإنه خبيث الرائحة، فهؤلاء القوم الأبرار لما حبسوا أنفسهم عن الملاذ التي حرمها الله عليهم في الدنيا أُعطوها يوم القيامة.
{وَفِي ذَلِكَ}[المطففين:٢٦] أي: وفي هذا الثواب والجزاء، {فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ}[المطففين:٢٦] أي: فليتسابق المتسابقون سباقاً يصل بهم إلى حد المنافسة، وهو كناية عن السرعة في المسابقة، يُقال: نافسته، أي: سابقته سباقاً بلغ بي النفس، والمنافسة في الخير هي: المسابقة إلى طاعة الله عز وجل وإلى ما يرضي الله سبحانه وتعالى، والبعد عما يسخط الله.