ثم قال:{وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ}[ق:٢٠] :- النافخ في الصور هو: ملك وكَّلَه الله تعالى به يسمى: إسرافيل، والنفخ في الصور نفختان: الأولى: نفخة الصعق: فيسبقها فزع، ثم صعق.
والثانية: نفخة البعث: وبينهما أربعون، وقد سئل أبو هريرة راوي الحديث: ما المراد بالأربعين؟ فقال:[أَبَيْتُ] أي: إني لا أدري ما المراد بالأربعين التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم.
المهم أن المراد بقوله هنا:{وَنُفِخَ فِي الصُّورِ} النفخة الثانية، بدليل قوله:{ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ} ، وهذا يعني أنه بهذه النفخة صار يوم القيامة الذي هو يوم الوعيد.
فإن قال قائل: يوم القيامة يوم وعيد ويوم وعد، وعيد لمن؟ للكفار، ووعد لمن؟ للمؤمنين.
فلماذا ذكر الله تعالى هنا الوعيد دون الوعد؟ لأن السورة كلها مبدوءة بتكذيب المكذبين للرسول عليه الصلاة والسلام فناسَبَ أن يُغَلَّب فيها جانب الوعيد {ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ * بَلْ عَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ.
} [ق:١-٢] إلى آخره، فكان من الحكمة أن يُذْكَر الوعيد دون الوعد، ومع ذلك فقد ذكر الله تعالى أصحاب الجنة فيما بعد؛ لأن القرآن مَثانٍ.