الدعاء بعد الصلاة إذا كان المقصود به رقع الخلل الذي فيها فإنه مشروع، ومن ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا سلم استغفر ثلاثاً، قال:(أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله) أي أسأل الله المغفرة، أما إذا كان دعاء لغير ذلك فالأفضل أن يدعو به قبل أن يسلم، لقول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث عبد الله بن مسعود:(ثم ليتخير من الدعاء ما شاء) .
وليس من اللائق أن الإنسان إذا انصرف عن ربه بالسلام من الصلاة ذهب يدعو، بل الأليق أنك ما دمت بين يدي الله تناجيه وتدعوه عز وجل، ولهذا لم يكن من هدي الرسول صلى الله عليه وسلم أنه إذا سلم من الصلاة دعا، إلا فيما يعتبر ترقيعاً لخللها كالاستغفار.
وما حفظ عنه بعد الفريضة ولا بعد النافلة فيما أعلم إلا مرة واحدة؛ وذلك حين وضع كفار قريش عليه سلى الناقة وهو ساجد تحت الكعبة قبل الهجرة، والقصة مشهورة معروفة، فإنه لما سلم رفع يديه يدعو وكأن هذا والله أعلم من أجل إغاظة هؤلاء الكفار وإدخال الرعب في قلوبهم؛ لأنه لو دعا وهو يصلي ما علموا بذلك، فلما فرغ من صلاته رفع يديه يدعو، فهذا له سبب، والله تعالى أعلم.
وإلى هنا ينتهي هذا المجلس، وإلى لقاء قادم إن شاء الله تعالى، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.