[تفسير قوله تعالى:(وتركنا فيها آية للذين يخافون العذاب الأليم)]
قال تعالى:{وَتَرَكْنَا فِيهَا آيَةً لِلَّذِينَ يَخَافُونَ الْعَذَابَ الْأَلِيمَ}[الذاريات:٣٧]{وَتَرَكْنَا فِيهَا آيَةً} أي: علامة، فما العلامة؟ أهي علامة حسية أم علامة معنوية؟ أم علامتان معنوية وحسية، أقول لكم قاعدة مفيدة في التفسير: إذا احتملت الآية أكثر من معنى لا مرجح لأحدهما للآخر ولا منافاة بينهما وجب حملها على المعنيين جميعاً، هذه الآية نقول: آية، الآية هذه حسية ومعنوية، أما الحسية فما يشاهد من مكان قريتهم، التي تسمى بحيرة لوط، فإن هذا كان موضع القرية، كلٌ يمر به ويراه ويشاهده، كما قال تعالى:{وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ * وَبِاللَّيْلِ أَفَلا تَعْقِلُونَ}[الصافات:١٣٧-١٣٨] .
آية معنوية: كل من قرأ قصتهم في جميع ما ورد فيه من السور الكريمة اعتبر واتعظ وخاف، هذه آية معنوية، لكن من الذي ينتبه لهذه الآيات، من يخافون العذاب الأليم {لِلَّذِينَ يَخَافُونَ الْعَذَابَ الْأَلِيمَ} أما المنكرون الذين قست قلوبهم، فإنهم لم ينتفعوا بالآيات، قال الله تعالى:{وَمَا تُغْنِي الْآياتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ}[يونس:١٠١] نسأل الله أن يجعلنا وإياكم من المنتفعين بالآيات، انتهى الكلام على قصة إبراهيم ولوط عليهما الصلاة والسلام، ويأتي بقية الكلام على آخر السورة.