للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أعمال اليوم العاشر من أيام الحج]

في ليلة العيد ينزل الحجاج في مزدلفة فهل لهم أن يدفعوا قبل أن يصلوا الفجر؟ نقول: نعم.

النساء والضعفاء الأفضل أن يتقدموا في الدفع؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم رخص لهم، والإنسان لا ينبغي له أن يعدل عن الرخصة لا سيما في وقتنا الحاضر مع الزحام، فإن الأولى أن يدفع النساء والصغار ومن لا يحتمل مزاحمة الناس في آخر الليل من أجل أن يرموا الجمرة قبل زحمة الناس، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أذن للنساء والصغار أن يدفعوا من آخر الليل.

في مزدلفة وقف النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن صلى الفجر عند المشعر الحرام، لقوله تعالى: {فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ} [البقرة:١٩٨] وهل لا بد أن يكون الوقوف هناك -أي: عند المشعر الذي هو محل المسجد اليوم-؟ لا.

ليس من الضرورة؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم وقف عند المشعر وقال: (وقفت هاهنا وجامة كلها موقف) وجامة هي في مزدلفة.

في يوم العيد وبعد الوصول إلى منى فهمنا أن الرسول صلى الله عليه وسلم فعل ما يأتي: أولاً: رمى، ثم نحر، ثم حلق وحل، ثم نزل وطاف، وهذا هو الأفضل أن الإنسان يرتبها هكذا، الرمي ثم النحر ثم الحلق ثم الطواف ثم السعي لمن كان متمتعاً أو مفرداً أو قارناً ولم يكن سعى بعد طواف القدوم، هذه الأنساك الخمسة أو الأربعة لو أن الإنسان قدم بعضها على بعض فهل عليه من حرج؟

لا.

اسمع الجواب من الرسول صلى الله عليه وسلم حين كان لا يسأل في ذلك اليوم عن شيء قدم ولا أخر إلا قال: (افعل ولا حرج) حتى قال له سائل من الناس: (سعيت قبل أن أطوف؟ قال: لا حرج) وهذا من رحمة الله عز وجل أن جعل فسحة للناس في تقديم بعض هذه الأشياء على بعض حتى لا يجتمعوا على شيء واحد؛ لأن الناس إذا اجتمعوا كلهم على الرمي أو كلهم على الطواف أو كلهم على النحر لحصل في ذلك مشقة، لكن إذا فسح الأمر فصار هذا يذهب إلى مكة ويطوف، وهذا يذهب إلى المنحر وينحر، وهذا يذهب إلى المرمى ويرمي، حصل في ذلك توسعة.

ورد في بعض الأسئلة التي وردت على الرسول صلى الله عليه وسلم في ذلك اليوم أن السائل يقول: لم أشعر ففعلت كذا قبل كذا.

وورد في بعضها الإطلاق، فهل نأخذ بهذا القيد ونقول: إنه لا يجوز اختلاف الترتيب إلا لإنسان لم يشعر؟ الجواب: لا.

لا نقيد هذا؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (افعل ولا حرج) وهذا شيء في المستقبل، لو قال: لا حرج عليك لقلنا: ربما يكون هذا الجواب مبنياً على السؤال، وأنه لا حرج على الإنسان إذا قدم بعضها على بعض في عدم الشعور، لكن لما قال: افعل ولا حرج.

و (افعل) كما يعرف الناس أنها للمستقبل، علمنا أن الترتيب ليس بواجب، ولهذا لما أراد الرسول صلى الله عليه وسلم أن يصحح ما وقع ويمنع مما يستقبل قال لـ أبي بكرة حينما ركع قبل أن يصل الصف: (زادك الله حرصاً ولا تعد) ولو كان هذا الترتيب واجباً لقال للسائل: لا حرج ولا تعد.

على كل حال: المتأمل للسنة في هذا يتبين له أن الأمر واسع، وأنه لا حرج أن يقدم الإنسان بعضها على بعض، سواء كان لعذر أو لغير عذر.

إذاً في يوم العيد يفعل الحاج كم نسكاً؟ خمسة، إذا كان متمتعاً أو كان مفرداً أو قارناً ولم يكن سعى مع طواف القدوم، وأربعة إن كان مفرداً أو قارناً وسعى مع طواف القدوم؛ لأنه في هذه الحال يسقط عنه السعي.

هذا في يوم العيد.