قال تعالى:{قُلْ أَتُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}[الحجرات:١٦] :- هذا إنكارٌ لقول الذين قالوا: آمنا، يعني: أتعلِّمون الله تعالى بأنكم آمنتم وهو عليم بكل شيء؟! و (تعلِّمون الله) أي: تخبرون الله، وليس المراد ترفعون جهله عن حالكم؛ لأنه يعلم حالهم عز وجل، ويعلم أنهم مؤمنون أو غير مؤمنين، لكن (تعلِّمون) هنا بمعنى تخبرون، وليس بمعنى: ترفعوا الجهل عن الله عز وجل؛ لأن الله ليس جاهلاً بحالهم، بل هو عالم.
{أَتُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ} أي: حينما قلتم: آمنا.
{وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ} أي: ومنه -أي: مِمَّا في السموات والأرض- حالكم إن كنتم مؤمنين أو غير مؤمنين.
وفي هذه الآية إشارة إلى أن النطق بالنية في العبادات منكر؛ لأن الإنسان الذي يقول: أريد أن أصلي، يُعْلِم الله سبحانه وتعالى بما يريد من العمل، والله يعلم، والذي يقول: أريد أن أصوم كذلك، والذي يقول: نويت أن أتصدق كذلك، والذي يقول: نويت أن أحج كذلك أيضاً، وكذلك لا يُسَنّ النطق بالنية في العبادات كلها، لا في الحج ولا في الصدقة، ولا في الصوم، ولا في الوضوء، ولا في الصلاة، ولا في غير ذلك، لماذا؟ لأن النية محلها القلب والله عالم بذلك لا حاجة أن تخبر الله به.
(ما في السموات) عام، (وما في الأرض عام) كل شيء يعلمه الله، وقد تقدم لنا الكلام مراراً على هذه الصفة العظيمة من صفات الله، والتي هي من أوسع صفاته جل وعلا.
{وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} بكل شيء: خفيٌ أو بيِّنٌ، عامٌ أو خاصٌ، هو عالم به جل وعلا.