للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[وجوب إخراج زكاة الذهب المستعمل]

فضيلة الشيخ! الذهب المستخدم هل يُزَكَّى أم لا يُزَكَّى؟

الذهب المستعمل، أو الذي يُستعمَل ويُعار، أو الذي باقٍ لا يستعمل إلا عند المناسبات، كله فيه زكاة، على القول الراجح الصحيح.

وبعض العلماء يقول: المستعمل ليس فيه زكاة.

لكن الصحيح: أن فيه الزكاة إذا بلغ النصاب وهو (٨٥) جراماً، وأما ما دون ذلك فليس فيه زكاة، والدليل على وجوب الزكاة فيه: ما رواه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقها إلا إذا كان يوم القيامة صُفِّحت له صفائح من نار وأُحْمِي عليها في نار جهنم، فيُكْوَى بها جنبُه وجبينُه وظهرُه، كلما بَرَدَت أعيدت في يومٍ كان مقداره خمسين ألف سنة، حتى يُقْضَى بين العباد، ثم يَرَى سبيله؛ إما إلى الجنة وإما إلى النار) .

ونسأل الآن: المرأة التي عندها حلي هل هي صاحبة ذهب أو لا؟ كلنا يقول: إنها صاحبة ذهب، ويدل على العموم: ما رواه عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما.

أن امرأة جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وفي يد ابنتها مُسَكَتان غليظتان من ذهب -أي: سوارَين غليظين- فقال لها: (أتؤدين زكاة ذلك؟ قالت: لا.

قال: أيَسُرُّكِ أن يُسَوِّرَك الله بهما سوارَين من نار؟! فخَلَعَتهما وأعطتهما النبي صلى الله عليه وسلم وقالت: هما لله ورسوله) .

وهذا وعيد، ولا وعيد إلا على ترك واجب.

وكذلك سألت إحدى أمهاتِ المؤمنين رسولَ الله صلى الله عليه وسلم عن حلي عندها: (أهو كنز؟ قال: إذا بلغ أن تُؤَدَّى زكاتُه ثم زُكِّي فليس بكنز) .

وقد يقول قائل: ما مقدار الزكاة؟! نحن عرفنا الآن أن الحلي من الذهب إذا بلغ النصاب ففيه الزكاة، فما مقدار هذه الزكاة؟! نقول: مقدارها ربع العشر، أي: (٢.

٥%) ففي الألف ريال تكون (٢٥) ريالاً، وفي العشرة آلاف ريال تكون (٢٥٠) ريالاً، وفي المائة ألف ريال تكون (٢٥٠٠) ريالٍ، فهي جزء يسير والحمد لله، وربما يكون هذا من بركته، وهو من بركته بلا شك؛ لأن الزكاة فيها أجر عظيم: {مَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ} [البقرة:٢٦١] ، وفيها أيضاً بركة للمال، فإنه ما خالطت الزكاةُ مالاً إلا بَرَّكَتْه، وربما يُبارَك في هذا الحلي ويُوْقَى الآفات بسبب إخراج الزكاة منه.

هذا فضلاً على الأجر الذي يكتسبه الإنسان، فإذا أعطيتَ الآن من الحلي زكاته [٢٥] ريالاً من الألف، أتظن أن هذه الخمسة والعشرين ريالاً غُرْماً وخسارة؟! لا.

بل هو ربح، فالخمسة والعشرون ريالاً تكون يوم القيامة الريال بسبعة ريالات، ومع كل ريال (١٠٠) ريال، فيصير الريالُ (٧٠٠) ريال، فتحصل يوم القيامة أجر سبعمائة ريال في كل ريال، بينما أنت في الدنيا توفِّر إن وفَّرت الخمسة والعشرين ريالاً في الألف ريال فربما يكون عدم إخراجك سبباً لضياع هذا الحلي، أو لتلفه، أو لتكسُّره، أو لسرقته، أو لاستعارة أحدٍ إياه ثم يجحده، أو ما أشبه ذلك.

فالذي أحب مِن إخواني المسلمين ألا يظنوا أن الصدقات أو الزكوات تذهب جفاءً، بل هي خير، فليس لك من مالك إلا ما أنفقته لله، والباقي سيكون لغيرك.