[حكم الفتاوى التي تصدر في المجلات والصحف العربية وغير العربية]
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله: هناك من الصحف الصادرة باللغة الإنجليزية تترك مجالاً للفتاوى, ولا يعرف من المفتي, وكل ما هنالك أن يقال: رئيس التحرير للصفحة الإسلامية, وتقرأ العجب العجاب في هذه الفتاوى, ومن آخرها حين سئل أحدهم: هل هناك مشاركة حسية للشيطان أثناء الجماع, فنفى ذلك نفياً قاطعاً بعقله, وقال: إن هذا من الخرافات, ثم أيضاً: أنكر أن يكون عمر عائشة رضي الله عنها في هذا السن وقت زواجها المبكر, بل إنه قال: إنها لم يعرف عمرها ولم يكونوا يعرفوا أعمارهم في ذلك الزمان, وصرح بأنه لا بد أن يكون عمرها بين (١٦) و (١٨) وتقرأ ضمن هذه الفتوى محاولات تبريرية كثيرة لما يشوهه الغرب أو يثيروا شبهات حول هذا الموضوع, وكثرت حقيقة وتوزع بشكل موسع, فالرجاء لفتة طيبة من فضيلة الشيخ حول هذين الأمرين بالذات؟
لا بجوز الاعتماد على الفتاوى التي تصدر في الصحف, سواء كانت باللغة العربية أو بغير العربية, يصدر فتاوى باللغة الأوردية وباللغة الإنجليزية كما قال الأخ, فلا يعتمد على الفتاوى التي تصدر في الصحف أو المجلات أياً كانت باللغة العربية أو غير العربية, إلا إذا علمنا أنها صدرت من عالم معروف موثوق بعلمه ودينه؛ لأنه مع الأسف صار اليوم يتصدر للفتوى من ليس أهلاً له, من يقول بلا علم، بل بمجرد هواه, ولا أقول بمجرد عقله؛ لأن العقل يقتضي بأن توكل الأمور إلى أهلها, ومن الذي يفتي الناس: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ} [النساء:١٧٦] الفتوى من الله ورسوله عليه الصلاة والسلام, أو من علماء موثوقين في العقيدة، وفي العلم وفي الأمانة معروفين, لا تفرطوا في دينكم, العمل بالفتوى معناه: دين يتقرب به الإنسان إلى الله, وإذا كان الإنسان لا يأخذ دواءً يتداوى به إلا إذا وصفه له طبيب حاذق مأمون فكيف يأخذ فتوى إنسان لا يدري من هو، وقد يكون منحرفاً في عقيدته أو في سلوكه, أو ضائع ليس عنده علم إطلاقاً يتخبط.
فنصيحتي لكل مؤمن يريد الحفاظ على دينه ألا يأخذه إلا ممن يثق به: ألا يأخذ بأي فتوى في الجرائد أو المجلات, إلا إذا صدرت من إنسان موثوق في عقيدته وفي علمه وفي دينه.
وأيضاً: لابد فيمن يقدم الفتاوي في هذه الصحيفة أو المجلة أن يكون معروفاً؛ لأنه أحياناً تكتب فتاوى تنسب إلى زيد أو عمرو من الناس وهو لم يقلها, لكن هؤلاء الصحفيون إذا رأوا عالماً من العلماء يقتدي به الناس ويأخذون بقوله لطخوا به بأي فتوى يفتون, وهذا أيضاً لابد منه, إذاً: لابد من أمرين: الأول: الثقة بالجريدة أو المجلة.
الثاني: الثقة بالمفتي -ما نقول: بالعالم قد يكون جاهلاً- بحيث يكون من العلماء المعروفين في عقيدتهم وعلمهم ودينهم.
ونحن الآن لسنا نأخذ في الفتاوي في أمور دينية بيع وشراء وتجارة وارتهان, حتى نقول: الذي لم يصلح اليوم يصلح غداً, نأخذ دين ندين به لله عز وجل, نجعله طريقاً إلى الجنة, فلابد أن نعرف هذا.
ولهذا يجب أن نحفظ ديننا, وألا نأخذه إلا من أهله, قال بعض السلف: [إن هذا العلم دين, فانظروا عمّن تأخذون دينكم] .
السائل: فتواه يا شيخ في عائشة؟ الشيخ: كل ما نقله من الفتاوي خطأ, وعائشة رضي الله عنها مشهور إن لم يكن متواتراً أنه تزوجها الرسول صلى الله عليه وسلم وهي صغيرة.
وأنا قلت لكم الآن وأقولها: هؤلاء العقلانيون لم يمشوا على عقولهم أيضاً؛ العقل يقتضي ألا نأخذ الفتاوي إلا ممن هو أهل للفتوى, والفتوى من الله ورسوله, ليست من أي شخص.