هل الإنسان مؤاخذ على ما يجد في نفسه من وساوس الشيطان؟
الإنسان لا يؤاخذ على ما يجد في نفسه من وساوس الشيطان أبداً؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم:(إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم) وقد شكى الصحابة رضي الله عنهم ذلك إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فأمرهم أن يستعيذوا بالله من الشيطان الرجيم، وأن ينتهوا من هذه الوساوس، والإنسان إذا انقاد للوساوس فإنه على خطر، ولكن يجب أن يقول لنفسه: هل أنا أعتقد هذه الوساوس؟ الجواب: لا يعتقدها أبداً بل يحاربها غاية المحاربة، إذاً يجب أن تعرض عنها، مادامت غير مستقرة في نفسك، يعلم لو أن أحداً من الناس قالها لقاتله عليها، إذاً يعرض عنها ولا تضره ويمضي في حاله، لو شك في الطلاق أو شك في الوضوء أو في الصلاة، أو فيما هو أعظم من ذلك فلينته عن هذا ويعرض ولا تضره هذه الوساوس، وهذا من نعمة الله عز وجل أن الله جعل لنا سعة ومخرجاً من هذه الوساوس.
ثم إني أقول لك: إن هذه الوساوس إنما تعرض لمن عنده يقين وإيمان راسخ، لأجل أن يتزحزح عن يقينه إلى الشك، والشيطان لا يأتي إلى الإنسان الذي قلبه خراب؛ لأنه منتهٍ، ولهذا قيل لـ ابن عباس: إن اليهود يقولون: نحن لا نوسوس في صلاتنا والمسلمون يوسوسون فقال: [صدقوا لا يوسوسون في صلاتهم، وما يصنع الشيطان بقلب خرب] يقبلون على صلاتهم ولكنها غير مقبولة عند الله، ولا يمكن أن يفكر بغير الصلاة التي فيها ولا يوسوس ولكنه خرب، أما المؤمن راسخ الإيمان فهو الذي يتسلط عليه الشيطان.
ولذلك اضبط نفسك الآن عندما يأتيك الشيطان في الصلاة ثم تذكرت وأقبلت على صلاتك، يفتح لك باباً ثانياً، وإذا ضبطت نفسك وانتبهت فتح عليك باباً ثالثاً، وهو معك دائماً في صلاتك إذا كفيت نفسك عن هذه الوساوس فتح لك باباً آخر، إلى أن تخرج من الصلاة، لكن احرص على أن يكون أول الصلاة وآخر الصلاة مضبوطاً، فلعل الله أن يغفر لك ما بينهما كما جاء في الحديث:(من استغفر الله في أول النهار وآخره غفر الله له ما بينهما) نسأل الله أن يعيننا وإياكم.