حكم من حضر مولداً من أهل العلم
الاحتفالات بالمولد تقام في تلك البلاد البعيدة فيراها أهلها ويسمعون بها دون أن تبث إلى الدول الأخرى, لكنها الآن تنقل بالفضائيات إلى الدول فيراها أبنائنا في البيوت فيحضرها المفتون في تلك البلاد والزعماء, فكيف يكون التصرف؟ الشيخ: ماذا أصنع؟ السائل: ما تعليقك على هذا؟
تعليقي على هذا أنه خطأ, وهؤلاء العلماء إذا كانوا يعلمون أن ذلك بدعة فهم آثمون والعياذ بالله, والواجب عليهم أن يبينوا للناس أن هذه بدعة وألا يحضروها, لكني أقول بهذه المناسبة: العلماء ثلاثة أقسام: عالم دولة, وعالم أمة, وعالم ملة.
عالم الدولة: الذي ينظر ماذا تريد الدولة فيفتيهم مباشرة, ينظر ماذا يقول الرئيس أو الوزير وما أشبه ذلك, ما أحله الرئيس فهو حلال, وما حرمه فهو حرام, هذا عالم الدولة.
عالم أمة: هو الذي يتبع ما ترتاح له العامة, وإن كان خلاف الحق عنده, هذا عالم لكن يتبع الأمة وهذا كالأول, آثم وعلمه وبال عليه.
الثالث: عالم ملة, لا يبالي بالدولة ولا بالعامة يفتي بما دل عليه الكتاب والسنة, سخط الناس أم رضوا, هذا هو العالم حقيقة, وهذا هو العالم الرباني, والواجب على كل عالم بشريعة الله أن يكون عالم ملة, ولا يبالي بالناس، هو سوف يخرج من الدنيا بكفنه وحنوطه فقط, والناس لا يغنون عنه شيئاً: {إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ} [البقرة:١٦٦] {وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا} [الأحزاب:٦٧] لو كان عالم أمة وحظي عند العامة فهذا بموته يزول كل شيء, لكن إذا كان عالم ملة رفع الله ذكره في الدنيا وبعد مماته, وحصل في علمه بركة، فلذلك أرجو من إخواني طلاب العلم أن يكونوا من هذا النوع؛ من علماء الملة, ليبينوا الحق كما أمرهم الله بذلك وأخذ عليهم الميثاق: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ} [آل عمران:١٨٧] وهذا كما يشمل اليهود والنصارى يشمل من أوتي الكتاب من هذه الأمة: {فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ} [آل عمران:١٨٧] .