[تفسير قوله تعالى:(وثمود الذين جابوا الصخر بالواد)]
ثم قال تعالى:{وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ}[الفجر:٩] ثمود: هم قوم صالح، ومساكنهم معروفة الآن كما قال تعالى:{وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ}[الحجر:٨٠] ذكر الله أن ثمود كانوا في بلاد الحجر، وهي معروفة، مر عليها النبي صلى الله عليه وسلم في طريقه إلى تبوك وأسرع وقَنَّع رأسه صلى الله عليه وسلم، قال:(لا تدخلوا على هؤلاء القوم المعذبين إلا أن تكونوا باكين أن يصيبكم مثلما أصابهم) هؤلاء القوم أعطاهم الله القوة حتى صاروا يخرقون الجبال، والحصى والصخور العظيمة يخرقونها ويصنعون منها بيوتاً، ولهذا قال:{جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ} أي: وادي ثمود وهو معروف، هؤلاء -أيضاً- فعل الله بهم ما فعل من العذاب والنكال حيث قيل لهم:{تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ}[هود:٦٥] ثم بعد الثلاثة الأيام أخذتهم الصحية والرجفة، فأصبحوا في ديارهم جاثمين.
فعلينا أن نعتبر بحال هؤلاء المكذبين الذين صار مآلهم إلى الهلاك والدمار، وليعلم أن هذه الأمة لن تهلك بما أهلك به الأمم السابقة، بهذا العذاب العام، فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم سأل الله تعالى ألا يهلكهم بسنة عامة، ولكن قد تهلك هذه الأمة بأن يجعل الله بأسهم بينهم، فتجري بينهم الحروب والمقاتلة، ويكون هلاك بعضهم على يد بعض، لا بشيء ينزل من السماء كما صنع الله بالأمم السابقة.
ولهذا يجب علينا أن نحذر الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن نبتعد عن كل ما يثير الناس بعضهم على بعض، وأن نلزم دائماً الهدوء، وأن نبتعد عن القيل والقال وكثرة السؤال، فإن ذلك مما نهى عنه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وكم من كلمة واحدة صنعت ما تصنعه السيوف الباترة، فالواجب الحذر من الفتن، وأن نكون أمة متآلفة متحابة، يتطلب كل واحد منا العذر لأخيه إذا رأى منه ما يكره.
نسأل الله أن يوفقنا جميعاً لما فيه الخير والصلاح، وأن يجمع قلوبنا على طاعته.