[الجمع بين قوله صلى الله عليه وسلم:(لا عدوى ولا طيرة) وقوله: (فر من المجذوم فرارك من الأسد)]
فضيلة الشيخ! كيف نوفق بين قوله صلى الله عليه وسلم:(لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر) ، وبين قوله صلى الله عليه وسلم:(فر من المجذوم فرارك من الأسد) ؟
نوفق بينهما: بأن النفي في قوله: (لا عدوى ولا طيرة) نفي لما يعتقده أهل الجاهلية أن العدوى مؤثرة بنفسها دون تقدير الله عز وجل، وأما الأمر بالفرار من الأسد فهو أمر بالفرار مما يخشى شره؛ لأن الجذام -نسأل الله العافية- من الأمراض المعدية السريعة العدوى، فالأمر بالفرار منه أمر بالأسباب الواقية كما نقول مثلاً: اتق النار بالبعد عنها، مع أن قربك من النار وبعدك عنها كله بقضاء الله وقدره، فيكون النفي مُنْصباً على ما كان معهوداً أو معتقداً عندهم في الجاهلية من أن العدوى مؤثرة بنفسها، ولهذا لما أُورد عند النبي عليه الصلاة والسلام إيرادٌ بأن الرجل تكون إبله صحيحة ليس فيها شيءٌ من الجرب فيخالطها البعير الأجرب فتجرب، فهذه عدوى، قال له النبي صلى الله عليه وسلم:(فمن أعدى الأول؟) يعني: أن إصابتها بالعدوى بتقدير الله عز وجل، كما أن وجود الجرب في الأول من الله عز وجل.