فضيلة الشيخ! حفظكم الله! حديث نزول ربنا إلى السماء الدنيا في ثلث الليل الآخِر، وذلك في كل ليلة؛ ولكن ثلث الليل يختلف من مدينة إلى أخرى، ومن دولة إلى أخرى، حتى قد يكون كل اليوم فيه فترة الثلث هذه، فهل ذلك يقتضي أن يكون دائماً في النزول؟
أظننا يا أخي لم نقم من مكاننا الذي نهيناكم فيه عن التحدث بمثل هذه الأمور.
فإذا كنتَ في بلد وأنت في ثلث الليل الآخر فآمن بأن الله نزل إلى السماء الدنيا، وإذا كنت في بلد في غير هذا الوقت فلا نزول.
مثلاً: بالنسبة لنا هنا فنحن في قبيل الظهر، وليس فيه نزول؛ لكن إذا جئنا إلى جهات أخرى وهم في ثلث الليل الآخر نقول: ثبت النزول، والله تعالى:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}[الشورى:١١] في جميع صفاته.
فالسؤال هذا سؤال متنطِّع، يجب على صاحبه أن يؤمن بأن الله ينزل إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر كل ليلة، وفي كل مكان، أما أن تقول: يبقى دائماً نازلاً فهذا ليس بصحيح.
فأرى أن تبقي هذه الإجابة في جيبك وألا تخرجها، فمتى كنتَ في ثلث الليل الآخِر فالرب نازل، ومتى كنتَ في غير هذا الوقت فالرب غير نازل وانتهى الموضوع؛ لأن صفات الله ليست كصفات المخلوق، فالآن نحن نؤمن بأن الله ينزل إلى السماء الدنيا، ونؤمن بأنه فوق كل شيء، فهل يُتَصَوَّر هذا في المخلوق أن ينزل إلى مكانٍ نازلٍ، وهو فوق كل شيء؟! ومع ذلك نحن نؤمن بأن الله فوق كل شيء، وأنه نازلٌ، وأن أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، ولا نقول أيضاً: كيف يكون العبد أقرب إلى ربه وهو ساجد، وهو فوق عرشه؟! فنقول: هذا إنما يورد إذا ما تصورنا أن صفات الخالق كصفات المخلوقين.
فنصيحتي لكم -يا إخواننا- أن لا تتعرضوا لمثل هذه الأشياء؛ لأن الله أعظم وأجل من أن تدركه العقول أو الأبصار، (قل: آمنتُ بالله) وقل: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}[الشورى:١١] وانتهى الموضوع.
فإذا عُرَضَت عليك مثل هذه المسائل؛ لأن هذا يَعْرِض على بعض الناس، فيظن بعقله أن نزول الخالق كنزول المخلوق، فنقول: آمِن بما جاء به النص ولا تتعداه، ولا تورد أسئلة حوله.