ومن أهم أوامره، بل هو أهم أوامره: الإخلاص لله عزَّ وجلَّ، فكل ما تعمله متقرباً به إلى ربك لا بد أن يكون خالصاً لله، فإذا أشركت مع الله غيره ردَّه الله عليك؛ لأن الله يقول في الحديث القدسي:(أنا أغنى الشركاء عن الشرك، مَن عمل عملاً أشرك فيه معي غيري تركتُه وشركَه) ، {إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ}[الزمر:٧] .
فتخلص لله عزَّ وجلَّ في طهارتك، وصلاتك، وزكاتك، وصومك، وحجك، وبرك لوالديك، وصِلَتك لأرحامك، وإحسانك إلى جيرانك.
تخلص لله تعالى في طلب العلم؛ بألا تبتغي به جاهاً، ولا رئاسة، ولا تريد أن تجاري به العلماء، أو تماري به السفهاء، بل تريد بذلك إحياء شريعة الله عزَّ وجلَّ، ورفع الجهل عن عباد الله وعن نفسك، والدفاع عن شريعة الله؛ لأن شريعة الله تعالى مستهدفة؛ من حين خرجت في مكة إلى يومنا هذا وهي مستهدفة، كما قال الله تعالى:{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً مِنَ الْمُجْرِمِينَ}[الفرقان:٣١] ، فكل نبيٍّ له عدو، وكل أتباعِ نبيٍّ لهم أعداء، ولا بد.
فهذه سنة الله عزَّ وجلَّ، وليس الدرب مفروشاً بالورود والزهور، بل الدرب صعب وشاق، ولا بد أن يجعل الله عزَّ وجلَّ بحكمته للحق مضاداً من أجل أن يُعْرَف الحق ويظهر ناصعاً غالباً على الباطل، ومن أجل أن يعلم الله المجاهدين منا والصابرين.
إذاً لا بد من الإخلاص في طلب العلم، فتخلص لله عزَّ وجلَّ في امتثال أمر الله باتباع الرسول عليه الصلاة والسلام، والمعنى: أنك تخلص اتباعاً للرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم؛ بأن لا تزيد في شريعته ما ليس منها، ولا تُنْقِص من شريعته ما كان منها، فالناقص من الشريعة مُقَصِّر، وقد يكون فاسقاً، والزائد مبتدع؛ فالدين كامل لا يحتاج إلى ابتداع.
فلا بد من إخلاص المتابعة للرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وبذلك نحقق شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله.