ما حكم حجز الأماكن في المساجد حيث إن بعض الناس يجعل له مكاناً يحجزه ثم يجلس في الخلف حتى يأتي الإمام، ثم يتقدم يحرم الناس هذا المكان، وهو لا ينتفع به إلا عند الإقامة، مع علمكم بكلام شيخ الإسلام ابن تيمية في هذا، والأحاديث توحي أن الصحابة لم يكونوا يفعلون هذا، حيث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الصف الأول:(حتى لو لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا) وحديث أنس في صحيح البخاري أنه قال: (حتى إذا قضيت الصلاة تبادروا إلى السواري) أو نحو ذلك، أفتونا مأجورين جزاكم الله خيراً؟
تحجير الأماكن في المساجد يرى بعض العلماء أنها جائزة مطلقاً سواءً كان الإنسان في المسجد أو خارج المسجد، وهذا هو المشهور عند الحنابلة في كتب الفقه، أنه يجوز للإنسان أن يتحجر ومتى جاء دخل في مكانه، ولكن الصحيح أن هذا حرام، وأنه لا يجوز أن يتحجر؛ لأنه يمنع غيره مما هو أحق به منه؛ ولأن ذلك يؤدي إلى أن يتراخى هو أيضاً في الحضور؛ لأنه إذا اطمأن أن مكانه في الصف الأول تهاون ولم يأت إلا متأخراً؛ ولأنه يترتب عليه -أحياناً- أن يؤذي المصلين بتخطي رقابهم إذا لم يكن للمسجد مدخل من الأمام، هذا الذي نراه في هذه المسألة.
أما إذا كان الإنسان في المسجد بأن يضع شيئاً يحجز به المكان وهو في المسجد فهذا لا بأس به بشرط ألا يلزم منه التخطي لرقاب الناس، وعلى هذا إذا حجزت مكاناً في الصف الأول، ثم وصل الثاني إلى مكانك وحاذاه؛ فإنه يجب عليك أن تتقدم لئلا تتخطى رقاب الناس، ما لم يكن للمسجد مدخل من الأمام تدخل منه، فالصحيح في هذه المسألة التفصيل، وهو: أن من كان في المسجد فلا حرج عليه؛ لأنه حصل له التقدم، ولكن ربما يقوم بعض الناس حيث يرى أن ابتعاده عن الناس أخشع له في صلاته، أو ربما يكون ممن يجهرون بالقراءة فلا يحب أن يبقى في الصف الأول فيشوش على الناس، أو يحب أن يكون له مذاكرة في درس من الدروس يجب أن يكون بعيداً عن الصف، أو غير ذلك من الأغراض، فإذا أقيمت الصلاة تقدم إلى مكانه.