[الجمع بين بقاء غير المسلمين في الجزيرة وبين أمره صلى الله عليه وسلم أن يخرجوا منها]
قضية بقاء اليهود والنصارى في جزيرة العرب؛ كيف نوفق بين قول الرسول صلى الله عليه وسلم:(لأخرجن اليهود والنصارى من جزيرة العرب) ، وأنه (لا يجتمع فيها دينان) ، وكون الرسول صلى الله عليه وسلم مات ودرعه مرهونة عند يهودي، وعمر بن الخطاب رضي الله عنه الذي أخرج يهود خيبر وأجلاهم عن الجزيرة قتله مجوسي فقال:[الحمد لله إذ لم يقتلني رجل سجد لله سجدة] ، فكيف نجمع بين هذا وذاك؟
أما قوله صلى الله عليه وسلم:(لا يجتمع فيها دينان) فالمعنى: لا تقام شعائر الكفر في جزيرة العرب، أي: لا تبنى الكنائس، ولا ينادى فيها بالناقوس وما أشبه ذلك، وليس المعنى أنه لا يتدين أحد من الناس في نفسه فقط، بل المراد أنه لا يكون لهم كنائسُ أو معابدُ أو بِيَعٌ كما للمسلمين مساجد.
وأما قوله:(أخرجوا اليهود والنصارى من جزيرة العرب) فالمراد منها السُّكنى، وأما الأجراء وما أشبه ذلك فلا يدخلون في هذا؛ لأنهم ليسوا قاطنين بل سيخرجون.
وأما إبقاء الرسول صلى الله عليه وسلم يهود خيبر فيها، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يبقهم إبقاءً مطلقاً عاماً، بل قال:(نقركم فيها ما شاء الله -أو قال-: ما شئنا) أي: إلى أمد، وهذا الأمد كان لانتهائه سبب، وذلك في عهد عمر رضي الله عنه، حيث اعتدوا على عبد الله بن عمر وعلى الرجل الذي بات عندهم، ولم يفوا بما عليهم؛ فطردهم عمر رضي الله عنه.