يقول بعض الإخوة: إن من أدى أركان الإسلام الخمسة أصبح مسلماً، وإن لم يطبق السنة النبوية من حف الشارب وإرخاء اللحية، وتقصير الثوب، ولكنه لا يكون مستقيماً، أفيدونا جزاكم الله خيراً؟
هذا صحيح.
بأن الإنسان إذا أتى بأركان الإسلام الخمسة فهو مسلم، حتى لو حلق لحيته أو أنزل ثوبه إلى أسفل من الكعبين فهو مسلم، بل هو مؤمن لكنه ناقص الإيمان لارتكابه هذه المعصية، وإصراره عليها؛ لأنك لو قلت: ليس بمسلم فقد أخرجته من الإسلام، والإخراج من الإسلام ليس بالهين، لا يجوز لنا أن نخرج شخصاً من الإسلام إلا بدليل من الكتاب والسنة، أو إجماع الأمة؛ لأن الإخراج من الإسلام حكم من أحكام الله يترتب عليه مسائل عظيمة، فإذا كان ليس لنا أن نقول: هذا حرام إلا بدليل، أو هذا واجب إلا بدليل، فليس لنا أن نقول: إن هذا كفر إلا بدليل، ولا نقول: هذا كافر إلا بدليل، والأمة الإسلامية ما فرقها إلا مثل هذا القول المبني على الوهم، فـ الخوارج لماذا خرجوا على الأئمة وأفسدوا أشياء كثيرة في الأمة؟ لأنهم يكفرون بكبائر الذنوب، ويقولون: من فعل الكبيرة فهو كافر مخلد في النار يجب قتاله، ومن قرأ التاريخ عرف ما حصل عند ظهورهم من المفاسد العظيمة.
فالحاصل: أن الكفر ليس بالأمر الهين، قد يعصي الإنسان معاصي كثيرة لكن يبقى مؤمناً، إلا أنه مؤمن ناقص الإيمان، ولو سألتكم ما هو أعظم شيء من العدوان على بني آدم؟ لكان الجواب: القتل، القتل أعظم من أخذ المال، ومع ذلك جعل الله تعالى القاتل أخاً للمقتول فقال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ}[البقرة:١٧٨](من) يعني بأخيه المقتول {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ}[البقرة:١٧٨] أي من دم أخيه: {شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ}[البقرة:١٧٨] .
وقال تعالى في الطائفتين المقتتلتين من المؤمنين:{وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا}[الحجرات:٩] إلى أن قال: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ}[الحجرات:١٠] فأنتم ترون الآن القاتل لا يخرج من الإيمان، والمقاتل للمؤمنين لا يخرج من الإيمان، فكيف إذا حلق لحيته، أو أرخى ثوبه! نقول: هو مسلم مؤمن؛ لكنه ناقص الإيمان بما معه من المعاصي.