أما إذا كان الإنسان لو لم يحضر لفقد إما لقرابته القريبة من الميت أو غير ذلك، فيقال: لماذا لم يأت فلان، ويكون الجواب بينه وبين قريبه عداوة، فهنا يتعين الحضور درءاً لكلام الناس وخوضهم، وكذلك لو كان كبيراً يفقد في هذه الجنازة فإنه يحضر دفعاً لألسنة الناس وتشكيكات المنافقين، أما الرجل العادي فالأولى ألا يفعل، لأن ذلك لم يكن معهوداً من السلف الصالح رضي الله عنهم، فقد مات العظماء في المدينة ومكة وغيرها ولم يسافر أحد للصلاة عليهم، بل إني لا أعلم أن أحداً سافر إلى المدينة ليصلي على النبي صلى الله عليه وسلم وهو أشرف الخلق، ولأن هذا يؤدي إلى نفقات لا داعي لها، ولأن هذا يؤدي إلى أن يتباهى الناس في هذا الشيء ويتباروا فيه ويتماروا، فلو قال: فلان لم يذهب إلى جنازة فلان، ويقول آخر: نعم لأنه ليس عنده بشيء، فيكون سبباً للتعاير بين الناس وعير بعضهم بعضاً، وما دام الأمر ليس معهوداً عن السلف ويحصل به مفاسد فتركه أولى، لكن التحريم: لا أستطيع أن أقول: إنه حرام؛ لأن التحريم يحتاج إلى دليل بين، أما السفر إلى القبور فهذا حرام، لأنه سفر يقصد به مكان معين لشرف هذا المكان حتى النبي صلى الله عليه وسلم لا يجوز السفر إلى زيارة قبره.