للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما الإجماع، فقد صح عن عمر [بن الخطاب] (١) -رضي اللَّه عنه- أنه ضَمَّن حديقة أُسيد بن حُضير ثلاث سنين وتسلَّف الضَّمان فقضى به دينًا كان على أُسيد (٢)، وهذا بمشهد من الصحابة، ولم ينكره منهم رجل واحد، ومَنْ جعل مثل هذا إجماعًا فقد أجمع الصحابة على جواز ذلك، وأقلُّ درجاته أن يكون قول صحابي، بل قول الخليفة الراشد، ولم ينكره منهم مُنْكِر، وهذا حجة عند جمهور العلماء، وقد جوز بعض أصحاب أحمد ضمان البساتين مع الأرض المؤجرة؛ إذ لا يمكن إفراد إحداهما عن الأخرى (٣)، [و] (١) اختاره ابنُ عقيل، وجوَّز بعضهم ضمان الأشجار مطلقًا مع الأرض وبدونها، [و] (١) اختاره شيخنا وأفرد فيه مصنفًا (٤)؛ ففي مذهب أحمد ثلاثة أقوال، وجَوَّز مالك ذلك تبعًا للأرض في قدر الثلث (٥).


= أو بدونها: "أحكام أهل الذمة" (١/ ١٠٨، ١١٢)، وقارن بما في "مجموع فتاوى ابن تيمية" (٣٠/ ٢٨٣).
(١) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(٢) أخرجه حرب بن إسماعيل الكرماني، قال: حدثنا سعيد بن منصور حدثنا عباد بن عباد المهلبي عن هشام بن عروة عن أبيه أن أسيد بن حُضير توفي وعليه ستة آلاف درهم دينًا، فدعى عمر بن الخطاب غرماءه، فقبلهم أرضه سنين، وفيها النخل والشجر. وهكذا ذكره ابن كثير في "مسند الفاروق" (١/ ٣٥٨)، وبَوَّب عليه (أثر في ضمان البساتين) وقال: "هذا إسناد جيد، وإن كان فيه انقطاع، وقال: "ومعنى: قبلهم: أي ضمنهم. وقد ذهب إلى معناه بعض العلماء، ونصره ابن عقيل وغيره من متأخري أصحاب الإمام أحمد رحمه اللَّه".
أقول: وسبب انقطاعه هو عدم سماع عروة من عمر.
وأخرجه ابن سعد في "طبقاته" (٣/ ٦٠٦) بإسناد ضعيف، وانظر: "سير أعلام النبلاء" (١/ ٣٤٢، ٣٤٣)، و"أسد الغابة" (١/ ١١٣).
(٣) في (ق): "أحدهما عن الآخر" وكذا في (ك) إلا أنه قال: "الأخرى". وانظر: "الفروع" (٤/ ٤١٦) لابن مفلح.
(٤) ذكر ابن رشيق في رسالته: "أسماء مؤلفات شيخ الإسلام ابن تيمية" (ص ٢٧): "قواعد في مسائل في النذور والضمان" وفي مكتبة الشيخ حماد الأنصاري -رحمه اللَّه- مجموع برقم (٢٧١) فيه (٢٣ رسالة) لابن تيمية، منها برقم (١٤): (فصل في الضمان) وفي جامعة برنستون - جاريت (رقم ١٥٢١) من (ق ٤٦ - ٥٢): (مسائل في الإجارة ونقص بعض المنفعة والجوائح والفرق بين الجانحة في الزروع والثمار وغير ذلك" فلعل بعضها المرادة هنا، واللَّه أعلم.
(٥) انظر: "حاشية الدسوقي على الشرح الكبير" (٤/ ٢١)، و"القوانين الفقهية" (٢٣٨)، وانظر لمذهب الحنفية "المبسوط" (١٦/ ٣٢)، ومذهب الشافعية في "روضة الطالبين" (٥/ ١٧٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>