للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال شيخنا (١): والصواب ما فعله عمر -رضي اللَّه عنه-؛ فإن الفرق بين البيع والضمان (٢) هو الفرق بين البيع والإجارة، والنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- نهى عن بيع الحب حتى يشتد (٣) ولم ينه عن إجارة الأرض للزراعة مع ان المستأجر مقصودُه الحبّ بعمله فيخدم الأرض ويحرثها ويسقيها ويقوم عليها، وهو نظيرُ مستأجر البستان ليخدم شجره ويسقيه ويقوم عليه، والحبُّ نظيرُ الثمر، والشجر نظير الأرض (٤)، والعملُ نظير العمل؛ فما الذي حرَّم هذا وأحلَّ هذا؟ [وهذا] (٥) بخلاف المشتري؛ فإنه يشتري ثمرًا وعلى البائع [المؤنة: مؤنة] (٦) الخدمة والسَّقي والقيام على الشجر؛ فهو (٧) بمنزلةِ الذي يشتري الحبّ وعلى البائع مؤونة (٨) الزرع والقيام عليه؛ فقد ظهر انتفاءُ القياس والنص، كما ظهر انتفاءُ الإجماع، بل القياس الصحيح مع المجوِّزين، كما معهم الإجماع القديم.

فإن قيل: فالثمر أعيان، وعقد الإجارة إنما يكون على المنافع!

قيل: الأعيان هنا حَصلَت بعمله في الأصل المستأجر، كما حصل الحبُّ بعمله في الأرض المستأجرة.

فإن قيل: الفرق أن الحبَّ حصل من بَذْرِه، والثمر حصل من شجر المؤجِّر (٩). قيل: لا أثر لهذا الفرق في الشرع، بل قد ألغاه الشارع في المساقاة والمزارعة فسوَّى بينهما؛ والمُساقي يستحقُّ جزءًا من الثمرة الناشئة من أصل [الملك؛ والمزارع يستحق جزءًا من الزرع النابت في أرض] (١٠) المالك، وإن كان البذرُ منه، كما ثبت بالسنة الصحيحة الصريحة (١١) وإجماع الصحابة، فإذا لم يؤثر هذا الفرق في المساقاة والمزارعة التي يكون النماء فيها مشتركًا لم يؤثر في


(١) في "مجموع الفتاوى" (٣٠/ ٢٨٣) نحوه، وانظر: "الجامع للإختيارات الفقهية لشيخ الإسلام ابن تيمية" (٣/ ١١١٥ - ١١١٩).
(٢) في (ق): "الضمان والبيع" وسقطت "البيع" من (ك).
(٣) سبق تخريجه.
(٤) وقع في (ن): "والحب نظير الثمرة، والشجرة نظير الأرض".
(٥) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(٦) في المطبوع و (ن) و (ك): "مؤونة" وسقطت "وعلى البائع" من (ق) واحتملها في الهامش.
(٧) في (ن): "وهو".
(٨) في (ق): "مؤنة".
(٩) في (ق): "الشجر المؤجر".
(١٠) ما بين المعقوفتين سقط من (ك).
(١١) سبق تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>