والحديث فيه دلالة ظاهرة توضح لمذهب مالك وغيره من السلف في أن من مثّل بعبده يعتق عليه حتى عداه بعضهم إلى مَنْ لاط بمملوكه، أو زنى بأمة غيره أنها تعتق عليه. وفيه أيضًا أنه لا ولاء له عليه والحالة هذه؛ لقوله: "وهو مولى اللَّه ورسوله"، وقد نص الإمام الليث بن سعد على قبول هذا الحديث، وأنه معمول به عندهم". وقال الحاكم: "صحيح الإسناد"، وتعقبه الذهبي في "التلخيص" بقوله: "قلت: بل فيه عمر بن عيسى القرشي، وهو منكر الحديث". وقال الهيثمي في "المجمع" (٦/ ٣٨٨): "فيه عمر بن عيسى القرشي، ذكره الذهبي في "الميزان" وذكره له هذا الحديث، ولم يذكر فيه جرحًا، وبيض له، وبقية رجاله وثقوا". قلت: الموجود في مطبوع "الميزان " (٣/ ٣١٦) الذي بين أيدينا: "قال البخاري: منكر الحديث، وقال العقيلي: مجهول بالنقل، وقال النسائي: ليس بثقة، منكر الحديث". وقال ابن حبان في "المجروحين" (٢/ ٨٧): "كان ممن يروي الموضوعات عن الأثبات على قلة روايته، لا يجوز الاحتجاج به فيما وافق الثقات؛ فكيف إذا انفرد على الأثبات بالطامات؟! ". فالحديث المذكور إسناده ضعيف جدًا. ومدار الحديث على عمر هذا، قال الطبراني: "لم يروه عن ابن جرير إلا عمر بن عيسى، تفرد به الليث". وانظر: "اللسان" (٤/ ٣٢٠ - ٣٢٢). وأخرج مالك في "الموطأ" (٢/ ٧٧٦/ رقم ٧): "أنه بلغه أن عمر بن الخطاب أتته وليدة قد ضربها سيدها بنار أو أصابها بها فأعتقها". وأخرجه موصولًا من طرق عنه عبد الرزاق في "المصنف" (٩/ ٤٣٨/ رقم ١٧٩٢٩، ١٧٩٣٠، ١٧٩٣١)، وصح نحوه في المرفوع. أخرج مسلم في "صحيحه" (كتاب الأيمان، باب صحبة المماليك وكفارة من لطم عبده، ٣/ ١٢٧٨/ رقم ١٦٥٧)، وأبو داود في "السنن" (كتاب الأدب، باب حق المملوك، رقم ٥١٦٨)، وأحمد في "المسند" (٢/ ٢٥، ٤٥، ٦١)، وأبو يعلى في "المسند" (١٠/ ١٥٨ - ١٥٩/ رقم ٥٧٨٢)؛ عن زاذان أبي عمر؛ قال: أتيتُ ابن عمر وقد أعتق مملوكًا، قال: فأخذ من الأرض عودًا أو شيئًا، فقال: ما فيه من الأجر ما يَسْوَى هذا؛ إلا أني سمعتُ رسول اللَّه-صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "مَنْ لطم مملوكه أو ضربه؛ فكفارته أن يعتقه". وأخرجه ابن عدي (٢/ ٧٨٦)، والحاكم (٤/ ٢٦٨) عن ابن عمر رفعه: "من مثّل بعبده فهو حر"، وإسناده ضعيف جدًا، فيه حمزة النصيبي متروك، متهم بالوضع. قال النووي في "شرح صحيح مسلم" (٤/ ٢٠٦): "قال العلماء: في هذا الحديث =