كتاب إعلام الموقعين عن رب العالمين - ت مشهور

[خطاب عمر إلى أبي موسى] - [المسبي تابع في الإسلام لسابيه] - ج: 3 - ص: 271

لهما واستيلائهما عليه، واختصاصه بسابيه، ووجودهما بحيث لا يُمكَّنان منه ومن تربيته وحضانته، واختصاصهما به لا أَثَرَ له، وهو كوجُودِهما في دار الحرب سواء، وأيضًا فإن الطفل لما لم يستقلّ بنفسه لم يكن (١) بُدٌّ من جعله تابعًا لغيره، وقد دار الأمر بين أن يُجعل تابعًا لمالكه وسَابيه ومَنْ هو أحقُّ الناس به وبين أَن يُجعل تابعًا لأبويه ولا حَقَّ لهما فيه بوجه، ولا ريبَ أن الأولَ أولى. وأيضًا فإن ولاية الأبوين قد زالت بالكليّة، وقد انقطع الميراث وولاية النكاح وسائر الولايات، فما بالُ ولاية الدِّين الباطل باقية وحدها؟ وقد نص الإِمام أحمد على منع أهل الذمة أن يشتروا رقيقًا من سَبي المسلمين، وكتب بذلك عمر بن الخطاب إلى الأمصار (٢)، واشْتَهر ولم ينكره مُنْكر فهو إجماع من الصحابة، وإن نازع فيه بعض الأئمة، وما ذاك إلا أنَّ في تمليكه للكافر ونقله عن يدِ المسلمِ قطعٌ (٣) لما كان بصدده من مشاهدةِ معالم الإِسلام وسماعه القرآن (٤)، فربما دعاه ذلك إلى اختياره، فلو كان تابعًا لأبويه [على دينهما] (٥) لم يُمنعا من شِراء، وباللَّه التوفيق.

فإن قيل: فيلزمكم على هذا أنه لو مات الأبوان أن تحكموا بإسلام الطفل لانقطاع تبعيّته للأبوين ولا سيما وهو (٦) مسلمٌ بأصل الفطرة، وقد زال مُعارِض الإِسلام، وهو تهويدُ الأبوين وتنصيرُهما.

قيل: قد نص الإِمام أحمد (٧) على ذلك في رواية جماعة من أصحابه، واحتج بقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ما من مولودٍ إلا يُولد على الفطرة، فأبواه يُهوِّدانه ويُنصِّرانه ويمَجِّسانه" (٨) فإذا لم يكن له أبوان فهو على أصل الفطرة فيكون مسلمًا.

---

(١) في (ق): "ولم يكن".
(٢) أخرج ذلك عبد الرزاق في "المصنف" (٦/ ٤٩ و ١٠/ ٣٦٧)، وأوضح منه عند النحل الذي "الجامع" (١/ ١٧٦ - ١٧٧ ورقم ٢٧٦ - ٢٨٠)، وانظر "المغني" (٩/ ١٢٦)، و"موسوعة فقه عمر بن الخطاب" (ص ١٣٥).
(٣) في (ق) و (ك): "مسلم قطعًا".
(٤) في (ق): "للقرآن".
(٥) ما بين المعقوفتين سقط من (ن).
(٦) في (ق): "فهو".
(٧) نقل ذلك عنه -ضمن روايات- أبو يعلى في "الروايتين والوجهين" (٢/ ٣٧٠)، وأفاد ابن حجر في "الفتح" (٣/ ٣٤٨ - ٣٤٩) أن هذه رواية الميموني عنه، وقال: "وذكره ابن بطة".
ونقله ابن حجر عن ابن القيم خلافًا لما قرره هنا!! وانظر: "معالم السنن" (٧/ ٨٦ - ٨٨ ط شاكر والفقي)، و"شرح النووي على صحيح مسلم" (١٦/ ٢٠٨)، وفي (د): "قد نص على ذلك الإِمام أحمد".
(٨) رواه البخاري في (الجنائز): (١٣٥٨ و ١٣٥٩) باب إذا أسلم الصبي، و (١٣٨٥) باب ما =