للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والكسعة: البغال والحمير، والنُّخة: المربيات في البيوت، وفي "كتاب عمرو بن حزم": "لا صدقة في الجبهة والكسعة، والكسعة: الحمير، والجبهة: الخيل" (١).

وفي "الصحيحين" من حديث أبي هريرة، [عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-]: "ليس على المسلم في عبْدِه ولا فرسه صدقة" (٢).

والفرق بين الخيل والإبل أن الخيل تُراد لغير ما تُراد له الإبل؛ فإن الإبل تراد للدَّرِّ والنَّسل والأكل وحمل الأثقال والمتاجر والانتقال عليها من بلد إلى بلد، وأما الخيل فإنما خُلقت للكرِّ والفَرِّ والطلب والهرب، وإقامة الدين، وجهاد أعدائه، وللشارع قصدٌ أكيد في اقتنائها وحفظها والقيام عليها، وترغيب النفوس في ذلك بكل طريق، ولذلك عفا عن أخذ الصدقة منها؛ ليكون ذلك أرغب للنفوس (٣) فيما يحبه اللَّه ورسوله من اقتنائها ورباطها، وقد قال [اللَّه] (٤) تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ} [الأنفال: ٦٠] فرباطُ الخيل من جنسِ آلاتِ السلاح والحرب، فلو كان عند الرجل منها ما عَسَاه أن يكون ولم يكن للتجارة لم يكن عليه فيه زكاة، بخلاف ما أُعدّ للنفقة؛ فإن الرجل إذا ملك منه نصابًا ففيه الزكاة، وقد أشار النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى هذا بعينه في قوله: "قد عفوتُ لكم عن صدقةِ الخيل والرقيق، فهاتوا صدقة الرِّقة" (٥) أفلا تراه كيف فرف بين ما أُعدَّ للإنفاق [وبين] (٤) ما أعد لإعلاء كلمة اللَّه ونصر دينه وجهاد أعدائه؟ فهو من جنس السيوف والرماح والسهام، وإسقاط الزكاة في هذا الجنس من محاسن الشريعة وكمالها (٦).


= وانظر: "فيض القدير" (٤/ ٣١٨).
وفي "النهاية": هي الرقيق، وقيل: الحمير، وقيل: البقر، والعوامل وتفتح نونها وتضم، وقيل هي كل دابة استعملت، وقيل: البقر العوامل: بالضم، وغيرها بالفتح" (د).
(١) كتاب عمرو بن حزم خرجته بإسهاب وتفصيل في تعليقي على "الخلافيات" (١/ ٤٩٨ وما بعد) فانظره فإنه مفيد.
(٢) رواه البخاري (١٤٦٣) في (الزكاة): باب ليس على المسلم في فرسه صدقة، و (١٤٦٤) باب ليس على المسلم في عبده صدقة، ومسلم (٩٨٢) في (الزكاة): باب لا زكاة على المسلم في عبده وفرسه، وما بين المعقوفتين سقط من (ك) و (ق).
(٣) في (ك) و (ق): "إلى النفوس".
(٤) ما بين المعقوفتين سقط من (ك) و (ق).
(٥) سبق تخريجه قريبًا.
(٦) انظر: "زاد المعاد" (١/ ١٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>