للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يوضحه أنه لا يعرف عن أحد من الصحابة أنه نَهى أن يُباع الحلي إلا بغير جنسه [أو بوزنه] (١)، والمنقول عنهم إنما هو في الصرف.

يوضحه أن تحريم ربا الفضل إنما كان سدا للذريعة كما تقدَّم بيانه، وما حُرِّم سدًا للذريعة أبيح للمصلحة الراجحة (٢)، كما أُبيحت العَرَايا من ربا الفَضْل، وكما أُبيحت ذوات الأسباب من الصلاة بعد الفجر والعصر، وكما أُبيح النَّظرُ للخاطبِ والشاهدِ والطبيب والمعاملِ من جملة النَّظر المحرم، وكذلك تحريم الذهب والحرير على الرجالَ حُرِّم [لسدِّ ذريعة التشبيه] (٣) بالنساء الملعون فاعله، وأبيح [منه] (٤) ما تدعو إليه الحاجة، وكذلك ينبغي أن يُباح بيع الحلية المصوغةِ صياغةً مباحةً بأكثر من وزنها؛ لأن الحاجة تدعو إلى ذلك، وتحريم التفاضل إنما كان (٥) سدًا للذريعة؛ فهذا محض القياس ومقتضى أصول الشرع، ولا تتم مصلحة الناس إلا به أو بالحيل (٦)، والحيل باطلة في الشرع، وغاية ما في ذلك جعل الزيادة في مقابلة الصياغة المباحة (٧) المتقوَّمة بالأثمان في الغصوب وغيرها، هاذا كان أرباب الحيل يجوزون بيع عشرة بخمسة عشر في خِرْقة تساوي فلسًا ويقولون: الخمسة في مقابلة الخرقة، فكيف ينكرون بيع الحلية بوزنها وزيادة تساوي الصياغة؟ (٨) وكيف تأتي الشريعة الكاملة الفاضلة التي بهرت العقول حكمةً ورحمةً وعَدلًا وجَلَالَةً بإباحة هذا وتحريم ذلك؟ وهل هذا إلا عكس للمعقول (٩) والفِطَر والمصلحة؟ والذي يقضى منه العجب مبالغتهم في ربا الفضل أعظم مبالغة، حتى منعوا بيع رطل زيت برطل زيت، وحرموا بيع الكشك (١٠) بالسمسم، وبيع النشا


= والدرهم بالدرهم، لا فضل بينهما، هذا عهد نبينا -صلى اللَّه عليه وسلم- إلينا، وعهدنا إليكم". اهـ. وما بين المعقوفتين من "الموطأ" (٢/ ٣٣٤/ رقم ٢٥٤٠). وإسناده جَيّد.
(١) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(٢) انظر كلامًا طيبًا حول هذه القاعدة للمؤلف -رحمه اللَّه- في "زاد المعاد" (٣/ ٨٨)، و"روضة المحبين" (ص ٩٣).
(٣) بدل ما بين المعقوفتين في (ك): "سدًا لذريعة التشبه".
(٤) ما بين المعقوفتين سقط من (ق) و (ك).
(٥) في (ق): "حرم".
(٦) في هامش (ق): "يقال: بل لهم طريق سهل، وهو بيع الحلية بغير جنسها من أحد النقدين".
(٧) في (ن) و (ك): "وغاية ما في ذلك فعل الزيادة في مقابلة الصناعة المباحة".
(٨) في المطبوع و (ن): "الصناعة".
(٩) في (ق) و (ك): "عكس العقول".
(١٠) في المطبوع و (ن): "بيع الكسب"، وأشار في هامش (ق) إلى أنه في نسخة: "بيع الكُشب" وكذا أثبتت في (د) و (ك).

<<  <  ج: ص:  >  >>