للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصحابة: ما استبان لك فأعمل به، وما اشتبه عليك فكله إلى عالمه (١).

وقد كان الصحابة يُفتون ورسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- حيٌّ بين أظهرهم، وهذا تقليدٌ لهم قطعًا؛ إذ قولهم لا يكون حجة في حياة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، و [قد] (٢) قال تعالى: {فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} [التوبة: ١٢٢] فأوْجب عليهم قبول ما أنذروهم به إذا رجعوا إليهم، وهذا تقليدٌ منهم للعلماء.

وصح عن ابن الزبير أنه سئل عن الجد والإخوة، فقال: أما الذي قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لو كنت متخذًا من أهل الأرض خليلًا لاتخذته خليلًا" (٣) فإنه أنزله أبًا، وهذا ظاهرٌ في تقليده له، وقد أمر اللَّه سبحانه بقبول شهادة الشاهد، وذلك تقليد له، وجاءت الشريعة بقبول قول القائف والخَارِص (٤) والقاسم والمُقَوِّم


= سقط من السند -عن أبيه- إذا أن أباه عبد الرحمن له رؤية.
وأخرج القصة البيهقي في "السنن الكبرى" (١/ ١٧٠)، وفي "المعرفة" (١/ ٢٦٥)، والخطيب في "التالي" (رقم: ٢٠٣ - بتحقيقي) من طريق هشام بن عروة عن أبيه عن زبيد بن الصلت قال: صلى عمر. . فذكره لكن ليس فيها موطن الاحتجاج: لو فعلتها لصارت سنة. وانظر "الاستذكار" (٣/ ١١٦).
ما بين المعقوفتين سقط من (ق) و (ك).
(١) رواه ابن أبي شيبة (١٠/ ٤٨٩)، والبخاري في "التاريخ الكبير" (٢/ ٣٩ - ٤٠) -ومن طريقه ابن حزم في "الإحكام" (٦/ ٩٣) - من طريق أسلم المنقري عن عبد اللَّه بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه عن أبي بن كعب به.
أقول: رجاله ثقات، أما عبد اللَّه بن عبد الرحمن، فقد قال الأثرم: قلت لأحمد: سعيد وعبد اللَّه أخوان؟ قال: نعم، قلت؟ فأيهما أحب إليك؟ قال: كلاهما عندي حسن الحديث.
وذكره ابن حبان وابن خلفون في "الثقات" وقال الحافظ في "التقريب": صدوق.
(٢) ما بين المعقوفتين سقط من (ك) و (ق).
(٣) رواه أحمد في "مسنده" (٤/ ٤ و ٥) والبخاري (٣٦٥٨) في "فضائل "الصحابة" باب قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لو كنت متخذًا خليلًا".
وقريبًا منه رواه البخاري (٦٧٣٨) في الفرائض: باب ميراث الأب والإخوة من حديث ابن عباس ومتن الحديث ثابت عن عدد من الصحابة في "الصحيحين" وغيرهما.
وقال الفيروزآبادي في "البصائر" (٢/ ٥٥٨) عقبه وعقب حديث آخر نصه: "إن اللَّه تعالى اتخذني خليلًا كما اتخذ إبراهيم خليلا". قال: "والحديثان في "الصحيحين"، وهما يبطلان قول من قال: الخلة لإبراهيم والمحبة لمحمد -صلى اللَّه عليه وسلم-، فإبراهيم خليله ومحمد حبيبه".
(٤) "خرص النخلة والكرمة: حرز ما عليها من الرطب تمرًا، ومن العنب زبيبا، وفاعل ذلك: الخارص. والقائف: الذي يتتبع الآثار، ويعرفها، ويعرف شبه الرجل بأخيه وأبيه" (و).

<<  <  ج: ص:  >  >>