للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهاهنا إذن قد انتقلت عن منصب التقليد إلى منصب الاستدلال، وأبطلت التقليد.

ثم يقال لك:

ثالثًا: هذا لا ينفعك شيئًا ألبتة فيما اختُلف فيه، فإن من قلَّدته ومن قلده غيرك قد اختلفا، وصار من قلده غيرك إلى موافقة أبي بكر أو عمر أو علي أو ابن عباس (١) أو عائشة وغيرهم دون من قلدته، فهلا نصحت نفسك وهُدِيت لرشدك وقلت: هذان عالمان كبيران، ومع أحدهما مَنْ ذَكر من الصحابة فهو أولى بتقليدي إياه. ويقال [له]: (٢)

رابعًا: إمامٌ بإمام، ويسلم قول الصحابي، فيكون أولى بالتقليد. ويقال:

خامسًا: إذا جاز أن يظفر من قلَّدته بعلم خفي على عمر بن الخطاب وعلى علي بن أبي طالب وعبد اللَّه بن مسعود وذويهم (٣) فـ[أحق وأحق و] (٤) أجوز وأجوز أن يظفر نظيره ومن بعده بعلم خَفِيَ عليه هو؛ فإن النسبة (٥) بين من قلدته وبين نظيره ومن بعده أقرب بكثير من النسبة (٦) بين من قلدته وبين الصحابة، والخفاء على من قلدته أقرب من الخفاء على الصحابة. ويقال:

سادسًا: إذا سوّغت لنفسك مخالفة الأفضل الأعلم لقول المفضول فهلَّا سوغت لها مخالفة المفضول لمن هو أعلم منه؟ وهل كان الذي ينبغي ويجب إلا عكس ما ارتكبت؟ ويقال:

سابعًا: هل أنت في تقليد إمامك وإباحة الفروج والدماء والأموال ونقلها عمن هي بيده إلى غيره موافق لأمر اللَّه أو رسوله أو إجماع أمته أو قول أحد من الصحابة؟ فإن قال: "نعم"؛ قال ما يعلم اللَّه ورسوله وجميع العلماء بطلانه! وإن قال: "لا"؛ فقد كفانا مؤنته، وشهد على نفسه بشهادة اللَّه ورسوله وأهل العلم عليه.

ويقال:

ثامنًا: تقليدك لمتبوعك يحرم عليك تقليده؛ فإنه نهاك عن ذلك، وقال: لا


(١) في المطبوع و (ك): "وعمر أو علي [أ] وابن عباس"، وما بين المعقوفتين سقط من المطبوع.
(٢) ما بين المعقوفتين من المطبوع فقط.
(٣) في (ك): "ودونهم" وفي (ق): "ومن دونهم".
(٤) ما بين المعقوفتين سقط من (ق) و (ك).
(٥) في (ق): "التشبه" وفي (ك): "التشبيه".
(٦) في (ق) و (ك): "الشبه".

<<  <  ج: ص:  >  >>