للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واحتجوا على المنع من بيْع المُدبَّر بأنه قد انعقد فيه سبب الحرية، وفي بيعه إبطال لذلك، وأجابوا عن بيع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- المدبر (١) بأنه قد باع خدمته. ثم قالوا: لا يجوز بيع خدمة المدبر أيضًا.

واحتجوا على إيجاب الشفعة في الأراضي والأشجار التابعة لها بقوله: "قضى رسولُ اللَّه بالشفعة في كل شرك في ربعةٍ أو حائط" (٢) ثم خالفوا نص الحديث نفسه، فإن فِيه: "ولا يحلُّ له أن يَبيعَ حتى يُؤذِن شريكه، فإن باع ولم يؤْذِنه فهو أحقُّ به" فقالوا: يحل له أن يبيع قبل إذنه، ويحل له أن يتحيَّل لإسقاط الشفعة، وإن باع بعد إذن شريكه فهو أحق أيضًا بالشفعة، ولا أثر للاستئذان ولا لعدمه.

واحتجوا على المنع من بيع الزيت بالزيتون إلا بعد العلم بأن ما في الزيتون من الزيت أقل من الزيت المفرد بالحديث الذي فيه النهي عن بيع اللحم بالحيوان (٣)، ثم خالفوه نفسه، فقالوا: يجوز بيع اللحم بالحيوان من نوعه وغير نوعه.

واحتجوا على أن عطية المريض المنَجَّزة كالوصية لا تنفذ إلا في الثلث بحديث عِمران بن حصين أن رجلًا أعتق ستة مملوكين عند موته لا مالَ له سواهم، فجزأهم النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ثلاثة أجزاء وأقرع بينهم، فأعتق اثنين وأرقَّ أربعة (٤). ثم خالفوه في موضعين؛ فقالوا: لا يُقرع بينهم ألبتَّة، ويُعتق من كل واحد سدسه (٥).


(١) رواه البخاري (٢١٤١) في (البيوع): باب بيع المزايدة، و (٢٢٣٠) باب بيع المدبر، و (٢٤٠٣) في (الاستقراض): باب من باع مال المفلس، و (٢٤١١) في (الخصومات): باب من باع على الضعيف ونحوه، و (٢٥٣٤) في (العتق): باب بيع المدبر، و (٦٧١٦) في كفارات الأيمان: باب عتق المدبر، و (٦٩٤٧) في (الإكراه): باب إذا أكره حتى وهب عبدًا أو باعه لم يجز، و (٧١٨٦) في (الأحكام): باب بيع الإمام على الناس أموالهم وضياعهم، ومسلم (٩٩٧) (ص ١٢٨٩ - ١٢٩٠) في (الأيمان): باب جواز بيع المدبر، من حديث جابر.
(٢) سبق تخريجه.
(٣) سبق تخريجه.
(٤) رواه مسلم (١٦٦٨) في (الأيمان): باب من أعتق شركًا له في عبد.
(٥) "كذا في بعض النسخ المطبوعة، ولعله: ثلثه" (ط)، ونحوه في (د).
قلت: والصواب سدسه، وهو مذهب أبي حنيفة انظر: "مختصر الطحاوي" (٣٧٤) "اللباب" (٣/ ١١٦ - ١١٧)، "الاختيار" (٤/ ٢٨)، "المبسوط" (٢٩/ ٧١)، "البناية" (١٠/ ١٠/ ٤٨٧)، "رؤوس المسائل" (٥٤١)، وانظر بسط المسألة في "الإشراف" (٤/ ٦١١ مسألة رقم ١٨٦٢) وتعليقي عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>