للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو -يعني مالكًا- يروي عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه كان إذا افتتح الصلاة رفع (١) يديه حذو منكبيه، وإذا رفع رأسه من الركوع رفعهما كذلك (٢)، ثم خالفتم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وابن عمر، فقلتم (٣): لا يرفع يديه إلا في ابتداء الصلاة، وقد رويتم عنهما أنهما رفعاهما في الابتداء وعند الرفع من الركوع، أفيجوز لعالم أن يتركَ فعل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- (٤) [وفعل] (٥) ابن عمر لرأي نفسه؟ أو فعل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- (٦) لرأي ابن عمر؟ ثم القياس على قول ابن عمر، ثم يأتي موضع آخر يصيب فيه، فيترك على ابن عمر ما روي عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-؟

فكيف لم ينهه بعضُ هذا عن بعض؟ أرأيت إذا جاز له أن يروي عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه رفع (٧) يديه في [الصلاة] مرتين أو ثلاث وعن ابن عمر فيه اثنتين، أنأخذ بواحدة ونترك واحدة؟ أيجوِّز لغيره تَزك الذي أخذ به وأَخْذ الذي ترك؟ أو يجوز لغيره [تركه عليه. قال الشافعي: لا يجوز له ولا لغيره] (٨) ترك ما روي عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-.

فقلت له: فإن صاحبنا قال: فما معنى الرفع؟ قال [الشافعي: هذه الحجة غاية في الجهالة] معناه تعظيم للَّه واتباع لسنة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، ومعنى الرفع في الأولى معنى الرفع الذي خالفتم فيه النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عند الركوع وعند رفع الرأس من الركوع، ثم خالفتم فيه روايتكم عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وابن عمر معًا، [لغير قول واحد روى عنه رفع الأيدي في الصلاة، تثبت روايته] ويَروي ذلك عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ثلاثة عشر رجلًا أو أربعة عشر رجلًا (٩) ورُوي عن أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- من غير وجه، ومن


= (٧٤٢) في (الصلاة): باب افتتاح الصلاة، وقال أبو داود: لم يذكر "رفعها دون ذلك" أحد غير مالك فيما أعلم.
(١) في مطبوع "المناقب" (١/ ٣٨٢) -ومنه ينقل المصنف-: "إذا ابتدأ الصلاة يرفع".
(٢) سيأتي تخريجه.
(٣) في (ق): "وقلتم".
(٤) في مطبوع "المناقب": "يترك على النبي"!!
(٥) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(٦) في مطبوع "المناقب": "أو على النبي".
(٧) كذا في "المناقب"، وفي سائر النسخ "أن يرفع".
(٨) ما بين المعقوفتين من "الأم"، وسقط من مطبوع "المناقب"، ونسخ "الإعلام".
(٩) جمعها البخاري في جزء مفرد مطبوع أكثر من مرة، أحسنها مع "جلاء العينين" للسندي رحمه اللَّه تعالى.
وقال الذهبي في "السير" (٥/ ٢٩٣) عن هذه السنة: "متواترة"، وانظر -غير مأمور- كتابي "القول المبين" (ص ١٠٤ - ١٠٩ ط الأولى).

<<  <  ج: ص:  >  >>