للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بسنة (١) رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وإن قرب (٢).

وقال في خطبة كتابه: "إبطال الاستحسان" (٣): الحمد للَّه على جميع نعمه بما هو أهله وكما ينبغي له، وأشهد أن لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله، بعثه بكتاب عزيز: {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} [فصلت: ٤٢] فهدى بكتابه، وعلى (٤) لسان رسوله -صلى اللَّه عليه وسلم- ثم أنعم عليه وأقامَ الحجَّةَ على خلقه لئلا يكون للناس على اللَّه حجة بعد الرسل، وقال [تعالى] (٥): {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً} [النحل: ٨٩]، وقال: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: ٤٤] وفرض عليهم اتباع ما أنزل إليهم، وسَنَّ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لهم، فقال: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا} [الأحزاب: ٣٦] فأَعلَم أن معصيته في ترك [أمره و] (٦) أمر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولم يجعل لهم إلا اتباعه، وكذلك قال لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: {وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (٥٢) صِرَاطِ اللَّهِ} [الشورى: ٥٢ - ٥٣] مع ما عَفَم اللَّه نبيَّه، ثم فرض اتباع كتابه فقال: {فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ} [الزخرف: ٤٣]، وقال: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ} [المائدة: ٤٩] وأعلمهم أنه أكمل لهم دينهم فقال عز وجل: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: ٣] إلى أن قال: ثم مَنَّ عليهم بما آتاهم من العلم فأمرهم بالاقتصار عليه، وأن لا يقولوا غيره إلا ما علَّمهم، فقال لنبيِّه: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ} [الشورى: ٥٢]، وقال لنبيه: {قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ} [الأحقاف: ٩]، وقال لنبيّه: {وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا (٢٣) إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [الكهف: ٢٣ - ٢٤] ثم أنزل على نبيه أنْ غَفَر له ما تقدَّم من ذنبه وما تأخر، يعني -واللَّه أعلم- ما تقدم من ذنبه قبل الوحي وما تأخَّر [قبل] (٧) أن


(١) في سائر النسخ "يقل بحديث"!.
(٢) نقله البيهقي في "مناقب الشافعي" (١/ ٤٨٥)، وقال عقبه: "وللشافعي في هذا الجنس كلام كثير تركته لكثرته وهو منقول في "المبسوط المردود إلى ترتيب المختصر"، وبعضه في كتاب "المعرفة"، واللَّه يغفر لنا وله برحمته".
(٣) انظر: "الأم" (كتاب الاستحسان): (٧/ ٢٩٤ - ٢٩٥).
(٤) في المطبوع: "ثم على".
(٥) ما بين المعقوفتين من (ق).
(٦) ما بين المعقوفتين سقط من (ط).
(٧) ما بين المعقوفتين سقط من (ن).

<<  <  ج: ص:  >  >>